كتاب نهاية الوصول في دراية الأصول (اسم الجزء: 7)

لا سيما مدة طويلة، ثم زال عنهم ذلك اللبس لدليل يذكروه، أو لسماحة الخاطر برأي قادح فيه من إظهار ذلك الدليل والاستبشار بسبب الظفر به لا سيما عندما يكون عدم إظهاره موهما للباطل، ولا سيما من الجمع العظيم، والعلم به بعد الاستقراء ضروري، وأما كون العمل بها لقرائن احتفت بها، أو لكونها كانت متواترة عندهم والأصل ينفيه؛ إذ الأصل عدم القرينة، والأصل عدم التغيير.
وعن الثالث من وجهين:
أحدهما: أنا لا نسلم أن ذلك رد لخبر الواحد من حيث أنه خبر واحد، فإنهم وإن لم يقبلوا في بعض الصور خبر الواحد، لكنهم قبلوا خبر الاثنين، وقبلوا الخبر مع الحلف، وبهذا لا يخرج ذلك عن كونه خبر واحد بالتعريف الذي تقدم ذكره، وحيث لم يقبلوا أصلا كما في خبر فاطمة بنت قيس، وخبر أبي سنان الأشجعي، فإنما لم يقبلوه للتهمة.
وأما قوله: الاحتمال المذكور في رد خبر فاطمة بنت قيس قائم في كل خبر واحد.
قلنا: لا نسلم؛ وهذا لأن مثل هذا لا يستعمل إلا فيما لا يغلب ظن الصدق، وأما الذي يغلب ظن الصدق لا يقال فيه ذلك، ونحن إنما نجوز العمل به إذا كان ظن صدقه راجحا على كونه كذبا، أو نقول: إن ذلك لخصوص كونه مخصصا لكتاب الله، أو ناسخا له، لا لعموم كونه خبر واحد ولعل عمر - رضي الله عنه - لا يرى تخصيص كتاب الله بخبر الواحد، فأما النسخ به فغير جائز عند الأكثرين.
وثانيهما: أنا وإن سلمنا أنهم لم يعملوا به، لكن نقول: إن الذين نقلتم عنهم أنهم لم يعملوا به، هم الذين نقلنا عنهم أنهم عملوا به، فلا بد

الصفحة 2854