خبرهم العلم في كل واقعة، فيكون بالفتوى والشهادة المظنونة ضروريا.
وأما العمل بخبر الواحد فغير ضروري؛ لأنه إن وجد في الواقعة نص قاطع عمل به، وإلا رجع إلى البراءة الأصلية، ولا يلزم من جواز العمل بالظن الذي يحتمل الخطأ والغلط عند الضرورة أو الحاجة الماسة جواز العمل به عند عدمها.
وثانيهما: أن قبول خبر الواحد يقتضي ثبوت الحكم في حق عامة المكلفين وقبول الفتوى والشهادة ليس كذلك، بل يقتضي ثبوته في حق جزئي معين، ولا يلزم من جواز العمل بالظن فيما فيه المفسدة القليلة جواز العمل به فيما فيه المفسدة الكثيرة.
قلت: الجواب عن الأول: أنه لا ضرورة في الفتوى والشهادة أيضا لأنه إن وجد المفتون والشهود بحيث يفيد خبرهم العلم بفتواهم وشهادتهم، وإلا رجع إلى البراءة الأصلية، هذا ما قيل، وفيه نظر؛ لأن الرجوع إلى البراءة الأصلية إذ ذاك يقتضي إنسداد باب المعاملة، وعدم إثبات الحقوق، ضرورة أن شهادة الجمع الكثير الذي يفيد خبرهم العلم متعذر أو متعسر، وفيه اختلال نظام العالم.
وعن الثاني: أن الفتوى والشهادة وإن أثبت كل واحد منهما الحكم في جزئي معين، لكن الحكم بشرعيتهما في حق كل شخص يقتضي ضرورة ذلك أيضا شرعا عاما فلا فرق.
وأما المعقول فمن وجوه:
أحدها: أن العمل بخبر الواحد يقتضي دفع ضرر مظنون؛ لأن الراوي العدل إذا أخبر عن الرسول - عليه السلام - أنه أمر بهذا الفعل حصل ظن أنه وجد هذا الأمر، وعندنا مقدمة يقينية وهي: أن مخالفة أمر الرسول سبب