كتاب نهاية الوصول في دراية الأصول (اسم الجزء: 7)

لاستحقاق العقاب، فحينئذ يحصل من مجموع هاتين المقدمتين، ظن أنا لو تركنا الأمر الذي أخبر عنه العدل لصرنا مستحقين للعقاب، فوجب أن يجب العمل به؛ لأنه إذا حصل الظن الراجح، والتجويز المرجوح لم يجز العمل بالمرجوح؛ لأنه ترجيح للمرجوح على الراجح وهو باطل بضرورة العقل فيتعين العمل بالراجح؛ إذ القسمان الباقيان ممتنعان؛ لامتناع اجتماع النقيضين وارتفاعهما.
قلت: متى يجب ترجيح الظن الراجح على المرجوح، إذا لم يمكن تحصيل العلم به، أو مطلقا؟
والأول مسلم، لكن لا نسلم أنه لا يمكن تحصيل العلم بذلك الحكم المطنون الذي دل عليه خبر الواحد حتى يلزم العمل به؛ وهذا فإن الرجوع فيه إلى الكتاب، أو السنة المتواترة، أو القياس اليقيني أو البراءة الأصلية يفيد العلم به.
والثاني ممنوع؛ وهذا فإن تجويز العمل به إذ ذاك تجويز العمل بما لا يؤمن أن يكون خطأ مع إمكان الاحتراز عنه، والعقل يأباه، فإذا أبى العقل تجويز العمل به، فكيف ظنك بوجوب العمل به؟
سلمنا أنه لا يمكن تحصيل العلم بهن لكن متى يجب العمل به إذا لم يمكن تحصيل ظن أقوى منه أو مطلقا؟
والأول مسلم، فلم قلت: أنه لا يمكن تحصيل ظن أقوى منه مما تقدم من المدارك حتى يلزم العمل به؟
والثاني ممنوع؛ وهذا فإن الاكتفاء بالأدنى مع القدرة على الأعلى مما يأباه العقل أيضا.
سلمنا دليلكم لكنه منقوض بما أنه لا يجب على القاضي العمل بقول

الصفحة 2858