الشاهد الواحد إذا غلب على ظنه صدقه، وكذا بقول الشاهدين في الزنا إذا غلب على ظنه صدقهما، وبما إذا غلب على الظن صدق مدعي النبوة، وبما / (86/أ) إذا غلب على الظن صدق الشاهدين وهما فاسقان، والراوي الفاسق من غير توبة من الفسق، بل لا يجوز العمل به في هذه الصورة كلها، ومنقوض أيضا بما إذا غلب على ظن الدهري واليهودي والنصراني قبح هذه الأعمال الشرعية، فإن غلبة الظن حاصلة في هذه الصورة مع أنه لا يجوز العمل به.
فإن قلت: الظن إنما يعتبر حيث لم يقم الدليل على فساده، وفيما ذكرتم من الصور إنما لم يعتبر لقيام الدلالة على فساده فلا ينتقض ما ذكرنا.
قلت فعلى هذا التقدير لا يتم دليلكم إلا إذا بينتم أنه لا قاطع يدل على فساد الظن الحاصل من خبر الواحد، فيصير نفي ما يدل على فساده جزءا من المقتضى، أو شرطا لاعتباره، وعلى التقديرين يجب عليكم أن تثبتوا أنه لم يوجد ما يدل على فساده وأنتم ما فعلتم ذلك، كيف وقد وجد من العمومات ما يدل على عدم اعتبار الظن مطلقا.
قلت: الجواب عن الأول: أنه يجب ترجيح الظن الراجح على المرجوح مطلقا؛ لأنه لو كان متوقفا عليه فقبله إلى أن يحصل مرتبة العلم إن لم يعمل به لزم اجتماع النقيضين أو ارتفاعهما، أو ترجيح المرجوح على الراجح، وكل ذلك باطل، فما يفضى إليه أيضا كذلك، فالتوقف عليه باطل.
وأما قوله: تجويز العمل به إذ ذاك تجويز العمل بما لا يؤمن أن يكون خطأ