غيره؛ فإن ذلك مما يوهم الغلط والسهو، فلما انتفت هذه التهمة بشهادتهما له قبل، ولو كان ذلك لكونه خبر واحد لما قبل عند شهادتهما له أيضا؛ لأنه لم يخرج خبره عند انضمام أخبارهما إليه عن أن يكون خبر واحد.
وأما المعقول: فما تقدم من الوجوه العقلية في المسألة المتقدمة، وقد تقدم أجوبتها أيضا، والذي نزيده هنا وجهين:
أحدهما: أن البراءة الأصلية يقينية، وخبر الواحد ظني، وترك اليقيني بالظني ترجيح للمرجوح / (87/أ) على الراجح وهو ممتنع بالبديهة.
وجوابه: منع أن البراءة الأصلية يقينية بعد ورود التكاليف، بل الشغل محتمل وإن لم يظهر لنا سبب الشغل، فرفعها بخبر الواحد ليس رفعا لليقيني بالظني، بل رفعا للظني بالظني، وأنه غير ممتنع عقلا.
وثانيهما: أن قبول خبر الواحد تقليد لذلك الواحد فلا يجوز ذلك للمجتهد؛ للآيات الدالة على ذم التقليد، وكما لا يجوز له تقليد مجتهد آخر.
وجوابه: منع أنه تقليد له؛ وهذا لأن قبول الخبر تقليد لصاحب الخبر لا للراوي.
سلمناه لكن لا نسلم أنه لا يجوز. أما الآيات فمحمولة على التقليد في الأصول دون الفروع. وأما الحكم في المقيس عليه فممنوع.
سلمناه لكن ذلك لتساويهما، وأما ما نحن فيه فليس كذلك، فإن المروي له ليس يساوي الراوي في العلم أو الظن بذلك الخبر.