كتاب نهاية الوصول في دراية الأصول (اسم الجزء: 2)

يحكم استقلالاً بحسن بعض الأفعال وقبحه تارة ضرورة، كحسن الصدق النافع، والإيمان، وقبح الكذب/ (107/أ) الضار، والكفران، وإن المقتضي لذلك هو كونه صدقًا نافعًا، وكذبًا ضارًا بالدوران، وتارة نظرا كحسن الصدق الضار، أو قبحه وقبح الكذب النافع، أو حسنه، على قدر اختلاف المضرة والنفع، وقد لا يستقل بذلك، بل يحكم به بواسطة ورود الشرع بحسن الشيء أو قبحه، كحكمه بحسن الصلاة وقت الظهر، وقبحها في وقت الاستواء، وكحكمه بحسن الصوم في اليوم الأخير من رمضان، وقبحه في اليوم الأول من شوال، ويحكم بواسطة ورود الشرع بذلك على اشتماله على صفة حقيقية توجب قبحه وحسنه لولاها لما ورد الشرع بذلك.
احتج الأصحاب على صحة مذهبهم بوجوه:
أحدها: أن العبد غير مختار في فعله وحينئذ يكون فعله، إما اضطراريًا أو اتفاقيًا، وهما لا يقبحان عقلاً اتفاقًا.
أما عندنا فظاهر.
وأما عند الخصم فلأنه لا يجوز أن تكون الأفعال الغير الاختيارية مكلفًا بها شرعًا، فضلاً عن أن يكون ذلك معلومًا بضرورة العقل أو بنظره.
بيان الأول: أن فعل العبد إن كان مخلوقًا لله تعالى، أو كان مخلوقًا له لكن يتوقف فاعليته "له" على مرجح مخلوق لله تعالى، بحيث

الصفحة 707