كتاب نهاية الوصول في دراية الأصول (اسم الجزء: 2)

لا يتمكن العبد من تركه عند وجوده فقد لزم الاضطرار، وإن لم يتوقف على ذلك فقد لزم الاتفاق، وذلك لأن انتفاء هذا المجموع، إما بأن لا يتوقف فاعليته له على مرجح أصلاً، أو وإن توقف لكن ذلك المرجح ليس من الله - تعالى - بل منه، أو وإن كان من الله - تعالى - لكن لا يجب الفعل عنده.
لكن القسم الثاني: باطل وهو أن يكون المرجح منه، لأن الكلام في فاعليته له كالكلام في الأول، إما الدور أو التسلسل، أو الانتهاء إلى مرجح مخلوق لله تعالى شأنه ما ذكرناه، لكن الدور والتسلسل باطلان.
فيتعين الثالث: وهو الانتهاء إلى مرجح مخلوق لله تعالى، شأنه ما ذكرناه، وحينئذ يلزم الإضرار، كما في القسمين الأولين.
وإذا بطل القسم الثاني: تعين القسمان الباقيان، وحينئذ يلزم الاتفاق.
أما لزومه على تقدير القسم الأول: فظاهر، وأما على تقدير القسم الثالث: فلأنه إذا لم يجب الفعل عنده فيمكن وجوده تارة وعدمه أخرى، إذ لو لم يكن كذلك لكان ممتنعًا وهو ممتنع قطعًا، لأن الفعل يستحيل أن يكون ممتنع الوجود عند وجود مرجحه، فيكون ممكنًا فاختصاصه بالوجود أو بالعدم في وقت دون وقت، مع أن نسبة ذلك المرجح مع كل الأوقات على السوية [يكون اتفاقًا محضًا. فثبت أن فعل العبد، إما أن] يكون اتفاقيًا، أو اضطراريًا، وثبت أنهما لا يقبحان عقلاً، فوجب [أن لا يكون تحسين فعل العبد وتقبيحه عقليًا. وحينئذ يلزم] أن لا / (107/ب) يكون التحسين والتقبيح عقليًا مطلقًا سواء كان في الشاهد أو في الغائب، إما بالإجماع لأن لا قائل بالفصل.

الصفحة 708