كتاب نهاية الوصول في دراية الأصول (اسم الجزء: 2)

على العدم ولكون المحمول على العدم عدمي، ونقيض العدمي وجودي فيكون الحسن والقبح وجوديين أيضًا، فإنهما عند الخصم معلولا الصفة الحقيقية القائمة بذلك الشيء الحسن أو القبيح، فلو كان شيء من الأفعال موصوفًا بهما لزم قيامهما وقيام ما يوجبهما من الصفة الحقيقية به وهو قيام العرض بالعرض ضرورة كون الفعل عرضًا.
وأما بطلان الثاني: فلأنه لا معني لقيام العرض بالجوهر إلا كونه حاصلاً في الحيز تبعًا لحصول الجوهر فيه، فلو كان العرض قائمًا بالعرض لزم حصوله في حيز العرض الذي هو محله تبعًا لحصوله فيه وحيزه هو حيز الجوهر فهما حاصلان في حيز الجوهر تبعًا لحصوله فيه فهما قائمان به، وإن فرض كون أحدهما بحيث يستحيل وجوده فيه بدون الآخر لجواز أن يكون حصوله فيه مشروطًا بحصول الآخر فيه، كما في الأعراض المشروطة بالحياة. لا يقال: ما ذكرتموه ينفي كون الفعل حسنًا أو قبيحًا شرعًا أيضًا، وهو خلاف الإجماع. فما هو جوابكم عنه فهو جوابنا عن الحسن والقبح العقليين.
وأيضًا فدليلكم منقوض بما أن الفعل يوصف بعدة من الصفات لكونه ممكنًا ومعلومًا ومقدورًا، أو مخيرًا عنه ومذكورًا.
لأنا نقول: إن كون الفعل حسنًا أو قبيحًا شرعًا أمر اعتباري لا وجود له في الخارج، ولذلك يختلف باختلاف الشرائع فلا يلازم حسن ولا قبح لفعل بحيث لا يجوز ورود الشرع على خلافه عندنا، بل الحسن ما حسنه الشارع والقبيح ما قبحه ولا امتناع في اتصاف الفعل بالأمور الاعتبارية، إذ لا يلزم منه قيام العرض بالعرض، وهو الجواب بعينه عن الثاني: لأن ما ذكروه من الصفات كلها أمور اعتبارية، والخصم لا يمكنه أن يجيب بهذا لأنهما عنده من الصفات الثبوتية للذات المعللين به أو لصفة حقيقية قائمة به على اختلاف لهم فيه، وفيه نظر.

الصفحة 722