كتاب نهاية الوصول في دراية الأصول (اسم الجزء: 2)

أما أولاً: فلأنا لا نسلم امتناع قيام العرض بالعرض وما ذكروه من تغير الحلول والقيام فغير مسلم.
ولم لا يجوز أن يعني به أن السببين إذا اختص أحدهما بالآخر بحيث يصير أحدهما نعتًا والآخر منعوتًا يكون النعت قائمًا به وحالاً فيه والمنعوت محلاً؟
وإن كنا لا نعلم حقيقة ذلك الاختصاص، وإنما يعلم منه هذا اللازم لا غير وليس يجب نفي الشيء إذا لم يعرف حقيقته، وإلا لزم نفي أكثر الأجناس الغالبة فإنا لا نعرف منها إلا اللازم ومعلوم أن ما ذكرتموه / (111/أ) من الدلالة لا يدل على امتناع قيام العرض بالعرض بهذا المعني وأيضًا. فدليلكم منقوض بما أن البطء صفة للحركة، دون الجسم المتحرك، إذ يمتنع أن يقال: الجسم بطئ في جسميته، وإنما يقال: إنه بطئ في حركته وهي صفة وجودية، لأنه نقض اللابطء المحمول على العدم، فيكون وجوديًا، والحركة عرض بالاتفاق فيلزم قيام العرض بالعرض، وأيضًا - فإنه منقوض بما أن كل واحد من الأعراض موجود، والوجود وصف عرضي، وهو: قائم بتلك الأعراض الموجودة فيلزم قيام العرض بالعرض.
ويمكن أن يجاب عن بعض هذه الأسئلة فليتأمل فيه.
وأما الخصوم: فبعضهم ادعى العلم الضروري به، وقال: إن العلم يقبح الكذب الضار والجهل والظلم، وجنس الصدق النافع [والعلم] والعدل ضروري غير مستفاد من الشرائع، بدليل أنه حاصل لجميع الأمم من أهل الأديان والأهواء المنكرين للشرائع بأسرها كالبراهمة والزنادقة، ولو كان

الصفحة 723