كتاب نهاية الوصول في دراية الأصول (اسم الجزء: 2)

شيء من الاختيارات، وحينئذ ينسد أبواب المعاملات وسائر أسباب المعائش، فيكون اختياره لحسنه لكن بمعني ملائمة الطبع لا بالمعني المتنازع فيه.
فإن قلت: أنا أفرض نفسي خالية عن الإلف والعادة، ثم أعرض عليها الصدق والكذب المتساويين من جميع الوجوه إلا في كونه صدقًا أو كذبًا أحدهما جازمة بترجيح الصدق على الكذب وهو ينفي ما ذكرتم من الاحتمال.
قلت: هب أنك فرضت كذلك، لكن فرض الخلو لا يوجب حصول الخلو، فلعل الإلف والعادة حاصل في النفس مع فرض الخلو، فحينئذ الحكم بترجيح الصدق على الكذب يكون بناء عليه.
نعم: لو خلقنا خالين عن هذه العوارض، ففي ذلك لا ندري أكنا نحكم بذلك أم لا؟.
سلمنا: أن العاقل يختار الصدق على الكذب لحسنه بالمعني المتنازع فيه، فلم يثبت الحسن والقبح بالنسبة إلى الله تعالى / (112/ب)، [فإن] أثبتم بقياس الغائب على الشاهد فهو باطل، لأنه لو أفاد لما أفاد إلا الظن، على ما عرف ذلك في موضعه، فلا يجوز التمسك به في المسالة العلمية.
سلمنا: إفادته اليقين، لكن الفرق بين الغائب والشاهد قائم ومعه لا يصح [القياس. وبيانه: من حيث الإجمال أنه قد لا يصح] منه تعالى [شيء ويقبح مثله منا، إذا لا يقبح منه تعالى] أن يترك عبيده، وإماءه يموجون في المعاصي والقبائح، مع علمه بذلك وقدرته على منعهم منها، وبقبح ذلك منا.

الصفحة 730