كتاب نهاية الوصول في دراية الأصول (اسم الجزء: 2)

عاجلة مظنونة الوقوع فضلاً عن أن تكون مقطوعة الوقوع، وهذا لما سيأتي وبتقدير حصوله، فلا نسلم أن ضرره راجح على ضرر فعله، وهذا لأنه يحتمل سقوطه بالعفو والتوبة عندنا، وعندكم يجب ذلك بالتوبة وضرر التوبة أقل من ضرر فعل الشكر، فيحتمل أن لا يترتب العقاب على تقدير الترك، وأما الضرر الناشئ من القول على تقدير الفعل فيستحيل أن لا يترتب العقاب عليه، وأما أنه لا يجوز أن يجب لدفع مضرة آجلة، فلأن القطع لحصول المضرة الآجلة عند ترك الشكر، إنما يمكن إذا كان المشكور يسره الشكر ويسوؤه الكفران، والله تعالى منزه عن ذلك، فلا يمكن القطع بالعقاب منه فلا يجب لدفعه.
فإن قلت: هب أنه لا يمكن القطع بالعقاب من الله تعالى عند ترك الشكر، لكن حصوله عنده أغلب على الظن من لا حصوله أو وإن لم يكن كذلك لكن لا شك في احتماله، وهذا لأنه يجوز أن يكون الله تعالى قد طلب منه الشكر على ما أنعم به عليه، فإذا لم يأت به كان مستوجبًا للذم والعقاب والشيء قد يجب لدفع ضرر مظنون أو محتمل، كما في وجوب العمل بالقياس وطريقة الاحتياط.
قلت: أما ظن حصول العقاب فممنوع أيضًا، وأما الاحتمال فقائم.
ولكنه معارض بما أنه يحتمل العقاب على فعل الشكر أيضاً ويدل عليه وجوه:
أحدها: أن الشاكر ملك الله، فتصرفه في نفسه بالشكر قبل ورود الشرع تصرف في ملك الغير من غير ضرورة بغير إذنه، فوجب أن يقبح كما في

الصفحة 744