كتاب نهاية الوصول في دراية الأصول (اسم الجزء: 2)

بسبب قدح الأصل.
الجواب: أنا لا نسلم تقرر ما ذكرتم من الوجوب في البداية.
ولئن قال فيه ما قال: في التحسين والتقبيح.
فجوابه: ما سبق أيضًا.
سلمنا بداهة وجوب شكر المنعم لكن بالنسبة إلى من يسره الشكر ويسوؤه الكفران لا بالنسبة إلى كل المنعمين.
فإن قلت: ما ذكرتم من الدليل الدال على عدم وجوب الشكر معارض بوجهين:
أحدهما: أن الشكر طريق آمن وتركه مخوف، إذ الشاكر أحسن حالاً من التارك للشكر، والعقل يقتضي وجوب سلوك الطريق الآمن.
ألا ترى أن العاقل إذا قدم إليه طعامان توهم في أحدهما السم دون الآخر، فإنه لابد وأن يختار الطعام الذي يتوهم فيه ذلك من حيث اقتضاء العقل.
وثانيهما: لو لم يجب شكر المنعم عقلاً لم يثبت وجوب شيء من الأشياء للإجماع، على عدم التفرقة، ولو لم يثبت الوجوب إلا بالشرع لزم إفحام الأنبياء، وذلك لأن حجتهم إنما تقوم بمعجزتهم الدالة على صدقهم وإنما تتميز المعجزة عن السحر والظلم وسائر الخوارق بالنظر فيها، وإذا كان كذلك

الصفحة 749