كتاب نهاية الوصول في دراية الأصول (اسم الجزء: 2)

فللمدعو أن يقول: لا أنظر في معجزتك ما لم يجب النظر على، ولا يجب ذلك على إلا بالشرع ولا يثبت الشرع ولا يستقر إلا بالنظر في معجزتك، فإذا أنا لا أنظر حتى لا يجب على النظر، وحينئذ لا يثبت صدقك فلا يلزمني إتباعك وفيه إفحام الأنبياء.
الجواب: عن المعارضة الأولي: إنا لا نسلم أن الشكر طريق آمن، وهذا لأنا بينا أنه كما يحتمل العقاب على الترك فكذا يحتمل على الفعل، فعلى هذا التقدير لا يكون الشكر طريقًا آمنا.
سلمناه: لكن لا نسلم أن العقل يقتضي وجوب سلوك الطريق الآمن بالمعني المتنازع فيه، وهذا لأن العقل لما لم يوجب عندنا شيئًا لم يكن ما ذكروه من القضية مسلمًا، فدعواه دعوى محل النزاع من غير زيادة.
وعن الثانية: من وجهين:
أحدهما: أن ذلك لازم عليكم أيضًا، لأن وجوب النظر ليس ضروريًا عندكم، بل هو نظري فقبل أن ينظر العاقل فيه لا يعرف وجوبه فله أن يقول: حين يدعوه النبي إلى تصديقه إني لا أنظر في معجزتك ما لم يجب على النظر ولا يجب على ما لم أنظر، فأنا لا أنظر كيلا يجب على النظر، وحينئذ يلزم ما ذكرتم من المحذور.

الصفحة 750