كتاب نهاية الوصول في دراية الأصول (اسم الجزء: 2)

لكنه باطل لإجماع المسلمين على أن حجتهم قائمة على كل عاقل بالغ بلغته الدعوة، فما هو جوابكم فيه فهو جوابنا في الكل. فإن المحذور متى لزم يجب دفعه سواء كان لزومه على جهة العموم أو الخصوص.
وثانيهما: أنا لا نسلم أنه لا يثبت الشرع ولا يستقر إلا بالنظر في المعجزة، بل ثبوته واستقراره موقوف على ظهور المعجزة الدالة على صدق مدعى النبوة عند التحدي سواء نظر الناظر فيها أو لم ينظر، وهذا لأنه لا يعتبر في كون الدليل يوجب المدلول أن ينظر فيه الناظر فيفيده وجود المدلول، بل المعتبر فيه أن يكون بحيث لو نظر فيه ناظر بشروطه لإفادة العلم بوجود المدلول، وإذا كان كذلك فعندما ظهرت المعجزة التي شأنها ما ذكرناه ثبت الشرع واستقر سواء نظر المدعو فيها أو لم ينظر، وعلى هذا التقدير يكون النظر واجبًا عليه، لكنه غير عارف لوجوبه عليه لجهله بشرط الوجوب لكن ذلك لا يقدح في وجوبه عليه، لأنه لا يشترط في وجوب الشيء العلم بوجوبه وإلا لم يكن ما جهل وجوبه واجبًا، بل التمكن من معرفة وجوبه والمدعو هاهنا متمكن من معرفته / (117/ب) وإنما لا يعرف لتقصيره في معرفته، وذلك لا ينافي نفى الوجوب عليه، كما في فروع الشرائع.
ثم قال بعضهم: إن هذه المسألة ظنية لا قطعية: فيكون الخطأ فيها ظني وهو: خطأ، لأنه إن زعم ذلك بناء على أن أصل هذه المسألة وهو مسألة التحسين والتقبيح ظني فهو باطل، لأنها من المسائل الكلامية التي يقطع بخطأ المخالف فيها، وكيف لا ومعظم مسائل الكلام كخلق الأعمال، وإرادة الكائنات، وعدم جواز العفو عن أصحاب الكبائر، ووجوبه الإثابة والعوض

الصفحة 752