كتاب نهاية الوصول في دراية الأصول (اسم الجزء: 2)

متعبدون بالقياس المظنون أم لا؟
فبتقدير أن لا نكون متعبدين به لا يجوز التمسك بها والشك في الشرط يوجب الشك في المشروط.
سلمنا: عليتها في الشاهد فلم يكن علة في الغائب، فإن أثبت ذلك بطريق قياس الغائب على الشاهد فقد عرفت ضعفه.
سلمنا: صحته لكن الفرق بين الأصل والفرع قائم، وبيانه من حيث الإجمال وهو أنه يقبح من العبد المنع من الاستظلال بحائطه والنظر في مرآته، والاستضاءة بضوء سراجه، ولو منع لا يثبت به التحريم أيضًا، بخلاف الغائب فإنه لا يقبح من الله تعالى ذلك ولو منع لثبتت الحرمة به وفاقا. والافتراق في الحكم دليل على الافتراق في العلة / (120/ب) والمناط، وبهذين الوجهين الأخيرين خرج الجواب عن الثالث أيضًا.
وأيضًا قوله: إذا قبح المنع ثبت الإذن. ممنوع، وهذا لأن الإذن ليس نقيضه بل ضده، بل اللازم عند ارتفاعه رفع الحرج عن الفعل، وهو ليس بإذن في الفعل على ما تقدم ذكره، والحديث الذي تمسك به فلا نسلم أن معناه أن المسلمون قبيحًا فهو عند الله قبيح بالنسبة إليه، حتى يقال: إنه تعالى ليس بفاعل القبيح باعتبار العدول، فإن صدق هذه القضية عندنا باعتبار السلب لا باعتبار العدول، بل معناه أنه قبيح عنده بالنسبة إليهم وحينئذ لا يحسن الاستدلال به في إثبات القبح بالنسبة إليه.
لا يقال: الدليل عليه هو أن الحديث دل على أن ذلك الشيء قبيح عنده، وهو أعم من أن يكون كذلك بالنسبة إليه أو بالنسبة إليهم، فهو كالعام بالنسبة إليهما فيتناولهما وإلا لزم التخصيص أو التقييد، وأنه خلاف الأصل.

الصفحة 770