كتاب نفحة اليمن فيما يزول بذكره الشجن
فعارضه السهم فما زال والله يروغ ويعارضه حتى صرعه وحدث جار له قال دخل إلى بيته كلب في بعض الليالي فظنه لصاً فانتضى سيفه ووقف في وسط الدار وقال أيها المغتر بنا والمجترئ علينا بئس والله ما اخترت لنفسك خير قليل وسيف صقيل أخرج بالعفو عنك قبل أن أدخل بالعقوبة عليك أن ادع الله لك قيساً لا تقم لها وقيس تملأ والله لك الفضا خيلا ورجالاً فخرج الكلب فقال الحمد لله الذي مسخك كلباً وكفانا حرباً.
حكاية: عن مخارق المغنى قال تطفلت تطفيلة قامت على أمير المؤمنين المعتصم بمائة ألف درهم فقيل له كيف ذاك قال شربت مع المعتصم ليلة إلى الصبح فلما أصبحنا قلت له يا سيدي إن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي فأخرج فانتسم في الرصافة إلى وقت انتباه أمير المؤمنين قال نعم فأمر البوابين فتركوني قال فجعلت أمشي في الرصافة فبينما أنا أمشي إذ نظرت إلي جارية كأن الشمس تطلع من وجهها فتبعتها ومعها زنبيل فوقفت على صاحب فاكهة فاشترت منه سفرجلة بدرهم ورمانة بدرهم وكمثراة بدرهم فتبعتها فالتفتت فرأتني خلفها أتبعها فقالت لي ارجع يا ابن الفاعلة لا يراك أحد فتقتل قال ثم التفتت
فنظرت إلي وشتمتني ضعف ما شتمتني في المرة الأولى ثم جاءت إلى باب كبير فدخلت فيه وجلست بجنب الباب وذهب عقلي ونزلت الشمس وكان يوماً حاراً فلم ألبث أن جاء فتيان على حمارين فأذن لهما صاحب المنزل فدخلا ودخلت معهما فظن رب المنزل أني جئت مع صديقيه وظن الرجلان أن صاحب المنزل قد دعاني وجيء بالطعام فأكلوا وغسلوا أيديهم ثم قال لهم رب المنزل هل لكم في فلانة قالوا إن تفضلت فخرجت تلك الجارية بعينها وقدامها وصيفة تحمل عوداً لها فوضعته في حجرها فغنت فطربوا وشربوا وهي تلاحظني وتشك فيّ فقالوا لمن هذا يا ستنا فقالت لسيدي مخارق قال فلم أصبر (فقلت) لها يا جارية هات العود فناولتنيه فغنيت الصوت الذي غنته أولاً فقاموا وقبلوا رأسي قال بعض الأدباء وكان أحسن الناس صوتاً ثم غنيت الثاني والثالث فكادت عقولهم تذهب فقالوا من أنت يا سيدنا قلت أنا مخارق قالوا فما سبب مجيئك فقلت طفيلي أصلحكم الله تعالى وأخبرتهم خبري فقال صاحب البيت لصديقيه قد
الصفحة 10
224