كتاب نفحة اليمن فيما يزول بذكره الشجن

فقلت يا أمير المؤمنين هلا وصيف أو وصيفة قال إنهم نيام قلت كنت أقوم لشربي فقال لي لذم بالرجل الذي يستخدم ضيفه ثم قال يا يحيىفقلت لبيك يا أمير المؤمنين قال ألا أحدثك قلت بلى يا أمير المؤمنين قال حدثني الرشيد قال حدثني المهدي قال حدثني المنصور عن أبيه عكرمة ابن عباس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد القوم خادمهم.
حكاية: قيل إن الرشيد هجر جارية له ثم لقيها في بعض الليالي في القصر سكرى وعليها رداء خزوهي تسحب أذيالها من التيه فراودها فقالت يا أمير المؤمنين هجرتني في هذه المدة وليس لي علم بموافاتك فانظرني حتى أتهيأ للقائك وآتيك بالغداة فلما أصبح قال للحاجب لا تدع أحداً يدخل عليّ وانتظرها فلم تجيء فقام ودخل عليها وسألها إنجاز الوعد فقالت يا أمير المؤمنين كلام الليل يمحوه النهار فخرج واستدعى من الباب من الشعراء فدخل عليه الرقاشي ومصعب وأبو نواس فقال أجيزوا كلام الليل يمحوه النهار.
فقال الرقاشي
أتسئلوها وقلبك مستطار ... وقد منع القرار فلا قرار
وقد تركت صبّاً مستهاما ... فتاة لا تزور ولا تزار
إذا ما زرتها وعدت وقالت ... كلام الليل يمحوه النهار
وقال مصعب شعرا:
أما والله لو تجدين وجدي
لما وسعتك في بغداد دار
أما يكفيك أن العين عبرى
وفي الأحشاء من ذكرك نار
وأين الوعد سيدتي
فقالت كلام الليل يمحوه النهار
فقال أبو نواس وأجاد:
وخود أقبلت في القصر سكرى ... ولكن زين السكر الوقار
وقد سقط الرداء عن منكبها ... من التجميش وانحل الإزار
وهز الريح اردا فاثقاً لا ... وغصناً فيه رمان صغار
فقلت لها عديني منك وعداً ... فقالت في غد منك المزار
ولما جئت مقتضياً أجابت ... كلام الليل يمحوه النهار
فقال الرشيد قاتلك الله تعالى يا أبا نواس كأنك ثالثنا وأمر لكل واحد بخمسة آلاف درهم ولأبي نواس بعشرة آلاف درهم وخلعة سنية.

الصفحة 13