كتاب نفحة اليمن فيما يزول بذكره الشجن

قد اشتريت منك هذا الثوب على عيبه بهذا الذهب ودفع إلي بمقدار ذلك الذهب المغشوش ذهباً جيداً وعدت به.
حكاية: عن منصور كاتب الرشيد قال حججت مع يحيى بن خالد البرمكي وانا بالمدينة إذ رفع إلينا رجلاً يسمى معبداً نخاساً عنده قيان فقلت ليحيى هل لك أن تمضي إليه قال أفعل فسرنا غليه فعرض إلينا نيفاً وستين جارية ليس فيهن واحدة تصلح فمر في آخرهن غلام لم أظن أن مثله في الأرض حسناً وجمالاً فقلت هذا للبيع فقال نعم هو كاتب حسن مغن مطرب فقلت اعرضه فنظرت إلى خلق سوي ووجه نقي وقد شهى فقلت وما ثمنه قال ثلاثمائة دينار عليّ وهو يساوي ألفاً فأمرت الغلام فغنى:
ظفرتم بكتمان اللسان فمن لكم ... بكتمان عين دمعها الدهر يذرف
حملت جبال الحب فوقي وإنني ... لأعجز عن حمل القميص وأضعف
فقلت لغلامي ادفع إليه أربعمائة دينار وكسوة بمائة دينار وطيباً وادفع إلى الغلام هبة يصلح بها شأنه واجعل مركبه قريباً من مركبي بحيث أسمع صوته وأرى شخصه ففعل فلما كان يوم رحيلنا لم أسمع منه كلمة حتى أشرفنا على المنزل الذي ننزل فيه فتنفس نفساً كاد ينزع به كبده ثم ترنم شعراً:
وما كنت أخشى معبداً أن يبيعني ... بمال ولو أضحت أنامله صفرا
أخوهم ومولاهم وصاحب سرهم ... ومن قد نشا فيهم وعاشرهم دهرا
حنين ولم يمض لي غير ساعة ... فكيف إذا سار المطي بنا شهرا
قال فلم أملك نفسي أن دعوته فقلت أتحب أن أردك إلى مولاك فقال إنك لفاعل قلت نعم قال أي والله يا مولاي قلت اذهب فأنت حر يا غلام رده وأعطه مائة دينار ووكل به من يوصله فقال لي يحيى أمثل هذا يعتق فقلت ويحك أو مثل هذا يملك فقال يحيى شعراً:
لا يوجد الجود إلا في معادنه ... والبخل حيث أردت الدهر موجود
حكاية: عن علي بن الموفق قال سمعت حاتماً وهو الأصم يقول لقينا الترك وكان بيننا جولة فرماني تركي فقلبني عن فرسي ونزل عن دابته فقعد على صدري وأخذ بلحيتي هذه الوافرة وأخرج من خفه سكيناً ليذبحني فوحق سيدي ما كان قلبي عنده ولا عند سكينه إنما كان قلبي عند سيدي أنظر ماذا ينزل بي القضاء منه فقلت

الصفحة 16