كتاب نفحة اليمن فيما يزول بذكره الشجن
وهم قوم في طول ذراع والله أعلم.
حكاية: عن بعض أدباء الشام قال لقيت رجلاً في وجهه خموش كثيرة فسألته عنها فقال كنت في بحر الزنج مع جماعة فألقتنا الريح إلى جزيرة سكسار فلم نستطع أن نخرج منها لشدة الريح فأتانا قوم وجوههم وجوه الكلاب وأبدانهم أبدان الناس فسبق إلينا واحد منهم بعصا كانت معه ووقف جماعة من ورائنا فساقونا إلى منزلهم فرأينا فيها جماجم وقحوفاً وسوقاً وأذرعاً وأضلاعاً كثيرة فأدخلونا بيتاً فيه انسان ضعيف وجعلوا يأتون بأكل كثير وطعام غزير وفواكه طيبة فقال لنا ذلك الرجل إنما يطعمونكم لتسمنوا وكل من سمن أكلوه قال فجعلت أقلل أكلي دون أصحابي وصاروا كلما سمن واحد ذهبوا به واكلوه حتى بقيت وحدي وذلك الرجل الضعيف فقال لي الرجل يوماً إن هؤلاء قد حضرهم عيد يخرجون إليه ويغيبون فيه ثلاثة أيام فإن استطت أن تنجو بنفسك فانج وأما أنا فكما تراني لا أستطيع الحركة ولا أقدر على الهرب فانظر لنفسك فقلت جزاك الله الجنة وخرجت فجعلت أسير ليلاً وأختفي نهاراً فلما رجعوا من عيدهم فقدوني فتبعوني حتى يئسوا فرجعوا فلما يئست
منهم سرت في تلك الجزيرة ليلاً ونهاراً فانتهيت إلى الأشجار بها ثمر وفواكه وتحتها رجال حسان الصور إلا أن سيقانهم ليس لها عظام فقعدت لا أفهم كلامهم ولا يفقهون كلامي فلم أشعر إلا وواحد منهم قد ركب على رقبتي وطوق رجليه علي وأنهضني فنهضت به وجعلت أعالجه لأتخلص منه وأطرحه عني فلم أقدر وجعل يخمش وجهي بأظفاره المحددة فجعلت أدور به على الأشجار وهو يأكل من فواكهها وثمارها ويطعم أصحابه وهم يضحكون عليّ فبينما أنا أطوف به بين الأشجار إذ دخلت في عينه شوكة من شجرة فانحلت رجلاه عني فرميته عن رقبتي وسرت فنجاني الله بكرمه وهذه الخموش منه فلا رحم الله عظامه.
حكاية: قيل إن شاباً من عباد بني اسرائيل كان يتعبد في صومعته وكان من أجمل الناس وجهاً وكان يعمل القفاف ويبيعها في سوق بيت المقدس وكان اسمه يوحنا وكان لباسه المسوح وكان لونه كلون الياقوت في الصفاء من كثرة العبادة ويسطع من بين عينيه النور فمر ذات يوم بباب امرأة من المخدرات فنظرت إليه جارية من جواريها فقالت يا سيدتي قد مر ببابنا شاب من أجمل الناس وجهاً كأنه جوهر منظوم فقالت لها ويحك
الصفحة 19
224