كتاب نفحة اليمن فيما يزول بذكره الشجن

أدخليه الدار حتى ننظر إليه ونشتري منه فجعل كلما دخل باباً أغلقوا الباب من ورائه حتى بلغ المجلس فإذا فيه شابة من أجمل الخلق جالسة على سرير مرصع بالجوهر وعليها قميص كأنه ماء مسكوب فبقيت شاخصة تنظر إليه لا تقدر على منع نفسها من رؤيته فقال لها يا أمة الله إما أن تشتري وإما أن أذهب فصارت تباسطه وهو يقول لها إما أن تشتري وإما أن أذهب فقالت له إنما أدخلتك بيتي لأحكمك في نفسي قال ويحك إني قرأت كتاب الله الإنجيل ولا ينبغي لمن قرأ كتاب الله الإنجيل أن يعصيه قالت له امش معي إلى داخل هذه الخزانة فإذا هي مملوءة ذهباً وجواهر فقالت هذا كله لك إن وافقتني على ما أريد فقال ائتني بماءٍ حتى أغتسل فلما اغتسل قدمت له منديلاً مضمخاً بالطيب والمسك والعنبر رجاء أن يتنشف فيه فلما رأى منها الجد قال لها إما أن تأذني لي بالذهاب وإما أن القي بنفسي من فوق هذا السطح وكان علوه ثمانين ذراعاً في الهواء فقالت لابد وإلا ألق نفسك فألقى نفسه فأمر الله تعالى الهواء أن يحبسه فأمسكه الهواء وبقي قائماً بقدرة الله تعالى ثم قال الله جل شأنه يا جبريل أدرك عبدي يوحنا يهلك نفسه خوفاً مني فأدركه جبريل ووضعه على الأرض سليماً
فانظر يا أخي إلى شدة مراقبة هذا الفتى لربه عز وجل ولولا فضل الله عليه لوقع في الفواضح والذلل.
حكاية: أخبر القزويني أن رجلاً من أصفهان ركبته ديون كثيرة ففارق اصفهان وركب بحر عجمان مع تجار فتلاطمت بهم الأمواج حتى وصلوا إلى الدر دور المعروف ببحر فارس فقال التجار للرئيس هل تعرف لنا سبيلاً إلى الخلاص نسعى فيه فقال إن سمح أحدكم بنفسه تخلصنا فقال الرجل الأصفهاني المديون في نفسه كلنا في موقف الهلاك وأنا قد كرهت الحياة وكان في السفينة جمع من أهل موطنه فقال لهم هل تحلفون بوفاء ديوني وخلاص ذمتي وأنا أفديكم بنفسي وتحسنون إلى عيالي ما استطعتم فحلفوا له على ذلك وفوق ما شرط فقال الأصفهاني للرئيس ما تأمرني أن أفعل قد أسلمت نفسي لله طلباً لخلاصكم إن شاء الله تعالى فقال له الرئيس آمرك أن تقف ثلاثة أيام على ساحل هذا البحر وتضرب على هذا الطبل ليلاً ونهاراً لا تفتر عن الضرب قلت أفعل إن شاء الله تعالى فأعطوني من الماء والزاد ما أمكن قال الأصفهاني فأخذت الطبل والماء والزاد وتوجهوا بي نحو الجزيرة وأنزلوني بساحلها وشرعت في ضرب

الصفحة 20