كتاب نفحة اليمن فيما يزول بذكره الشجن

فاحتاج إلى ثمنها فحملها إلى العراق وكان ذلك في زمن الحجاج فابتاعها منه فوقعت عنده بمنزلة فقدم عليه فتى من أقاربه فأنزله قريباً منه وأحسن إليه فدخل على الحجاج يوماً والجارية تكبسه وكان للفتى جمال فجعلت الجارية تسارقه النظر ففطن الحجاج بها فوهبها له فدعا له وانصرف بها فباتت معه ليلتها وهربت بغلس فأصبح لا يدري أين هي وبلغ الحجاج ذلك فأمر منادياً ينادي برئت ذمة من رأى وصيفة صفتها كذا وكذا فلم يلبث أن أُتي له بها، فقال لها الحجاج يا عدوة الله كنت عندي من أحب الناس إليّ فاخترت لك ابن عمي وهو شاب حسن الوجه ورأيتك تسارقيه النظر فعلمت أنك شغفت به وبحبه فوهبتك له فهربت في ليلتك، فقالت يا سيدي اسمع قصتي ثم اصنع ما أحببت، قال هات، قالت كنت للفتى القرشي فاحتاج إلى ثمني فحملني إلى الكوفة، فلما دنونا منها دنا مني فوقع عليّ فسمع زئير الأسد فوثب وسلّ سيفه وحمل عليه وضربه فقتله وأتى برأسه، ثم أقبل عليّ وما برد ما عنده ثم قضى حاجته وإن ابن عملك هذا الذي
اخترته لي لما أظلم الليل قام إليّ وإنه لعلى بطني إذ وقعت فأرة من السقف فضرط ثم غشي عليه فمكث زماناً طويلاً وأنا أرش عليه الماء وهو لا يفيق فخفت أن يموت فتتهمني فيه فهربت فزعاً منك فما ملك الحجاج نفسه من شدة الضحك وقال: ويحك لا تعلمي بهذا أحداً، قالت شرط أن لا تردني إليه، قال لك ذلك.
حكاية: قيل إن بعض الحكماء لزم باب كسرى في حاجة دهراً فلم يلتفت إليه فكتب أربعة أسطر في رقعة ودفعها للحاجب فكان السطر الأول الضرورة والأمل أقدماني عليك، والسطر الثاني العديم لا يكون معه صبر عن المطالبة، والسطر الثالث الانصراف من غير فائدة شماتة الأعداء، والسطر الرابع إما نعم مثمرة وإما لا مريحة فلما قرأها كسرى دفع له بكل سطر ألف دينار.
حكاية: قيل إن رجلاً من العرب دخل على المعتصم فقربه وأدناه وجعله نديمه وصار يدخل على حريمه من غير استئذان، وكان له وزير كثير الحسد فغار من البدوي وحسده، وقال في نفسه لابد من مكيدة على هذا البدوي فإنه قد أخذ بقلب أمير المؤمنين وأبعدني منه فصار يتلطف بالبدوي حتى أتى به إلى منزله وصنع له طعاماً وأكثر فيه من الثوم، فلما أكل البدوي قال له احذر أن تقرب من الأمير فيشم منك رائحة الثوم فيتأذى لذلك فإنه يكره رائحته، ثم ذهب الوزير إلى أمير المؤمنين فخلا به، وقال إن البدوي

الصفحة 26