كتاب نفحة اليمن فيما يزول بذكره الشجن

البلاء فقال الغلام حتى الموت فقال خالد لا أعدم الله فؤادي الهوى فقال الغلام آمين فقال خالد ولا أبلى به قلبك فقال الغلام فعل الله ذلك فقال خالد إن كان ربي قد قضى بالهوى فقال الغلام ما عليّ إباء فقال خالد وشدة الحب فما ذنبك فقال الغلام سل نفسك قال فقلت للغلام أما تستحي من هذا الرجل مع جلالة قدره فقال الغلام كل من يلقاه مثلي يقول له هكذا.
حكاية: قيل إن بعض البخلاء استأذن عليه ضيف وبين يديه خبز وقدح فيه عسل فرفع الخبز وأراد أن يرفع العسل وظن البخيل أن ضيفه لا يأكل العسل بلا خبز فقال ترى أن تأكل عسلاً بلا خبز قال نعم وجعل يلعق لعقة بعد لعقة فقال له البخيل والله يا أخي إنه يحرق القلب فقال صدقت ولكن قلبك.
حكاية: أخبر أبو بكر ابن الخاضبة أنه كان ليلة من الليالي قاعداً ينسخ شيئاً من الحديث بعد أن مضى وهن من الليل قال وكنت ضيق اليد فخرجت فارة كبيرة وجعلت تعدو في البيت وإذا بعد ساعة خرجت أخرى وجعلا يلعبان بين يدي ويتقافزان إلى أن دنتا من ضوء السراج وتقدمت إحديهما وكانت بين يدي طاسة فأكببتها عليها فجاءت صاحبتها فشمت الطاسة وجعلت تدور حوالي الطاسة وتضرب بنفسها عليها وأنا ساكت أنظر مشتغل النسخ فدخلت سربها وإذا بعد ساعة خرجت وفي فيها دينار صحيح وتركته بين يدي فنظرت إليها وسكت واشتغلت بالنسخ وقعدت ساعة بين يدي تنظر إلي فرجعت وجاءت بدينار آخر وقعدت ساعة أخرى وأنا ساكت أنظر وأنسخ وكانت تمضي وتجيء إلى أن
جاءت بأربعة دنانير أو خمسة الشك مني وقعدت زماناً طويلاً أطول من كل نوبة ورجعت ودخلت سربها وخرجت وإذا في فيها جليدة كانت فيها الدنانير وتركتها فوق الدنانير فعرفت أنه ما بقي معها شيء فرفعت الطاسة فقفزتا ودخلتا البيت وأخذت الدنانير وأنفقتها في مهم وكان لي في كل دينار دينار وربع.
حكاية: عن أبي الحسن البغدادي الأديب أنه قال كان المتنبي جالساً بواسط وعنده ولده المحسد قائماً وجماعة يقرؤن فورد إليه بعض أناس فقال أريد أن تجيز لنا هذا البيت:
زارنا في الظلام يطلب ستراً ... فافتضحنا بنوره في الظلام
فرفع رأسه وقال يا محسد قد جاءك بالشمال فأته باليمين فقال:
فالتجأنا إلى حنادس شعر ... سترتنا عن أعين اللوام

الصفحة 6