كتاب نفحة اليمن فيما يزول بذكره الشجن
حصنه وامتنع به فحاصره ذلك الملك وكان ولد السموأل خارج الحصن فظفر به ذلك الملك فأخذه أسيراً ثم طاف به حول الحصن وصاح بالسموأل فلما أشرف عليه من أعلا الحصن قال له إن ولدك قد أسرته وهاهو معي فإن سلمت إلي الدروع والسلاح التي لامرأ القيس عندك رحلت عنك وسلمت إليك ولدك وإن امتنعت من ذلك ذبحت ولدك وأنت تنظر فاختر أيهما شئت فقال له السموأل ما كنت لأخفر ذمامي وأبطل وفائي فاصنع ماشئت فذبح ولده وهو ينظر ثم لما أن عجز عن الحصن رحل خائباً واحتسب السموأل ذبح ولده وصبر محافظة على وفائه فلما جاء الموسم وحضرت ورثة امرؤ القيس سلم إليهم الدروع والسلاح ورأى حفظ ذمامه ورعاية وفائه أحب إليه من حياة ولده وبقائه فصارت الأمثال بالوفاء تضرب بالسموأل وإذا مدحوا أهل الوفاء في الأنام ذكروا السموأل في الأول.
حكاية: عن الأصمعي قال دخلت البادية وإذا أنا بعجوز بين يديها شاة مقتولة وإلى جانبها جرو ذئب فقالت أتدري ما هذا فقلت لا قالت هذا جرو ذئب أخذناه صغيراً وأدخلناه بيتنا وربيناه فلما كبر فعل بشاتي ما ترى وأنشدت تقول شعر:
قتلت شويهتي وفجعت قومي ... وأنت لشاتنا ابن ربيب
غذيت بدرها وغدرت فيها ... فمن أنباك أن أباك ذيب
إذا كان الطباع طباع سوء ... فلا أدب يفيد ولا أديب
وقريب من هذا قول القائل:
من يصنع المعروف في غير أهله يلاقي كما لاقى مجير أم عامر وعنه أيضاً قال كنت عند الرشيد إذ دخل علينا رجل ومعه جارية للبيع فتأملها الرشيد ثم قال خذ بيد جاريتك فلولا كلف في وجهها لاشتريناها منك فلما بلغ الستر قالت يا أمير المؤمنين ذرني أنشدك بيتين قد حضراني فردها فأنشأت تقول شعر:
ما سلم الظبي على حسنه ... كلا ولا البدر الذي يوصف
فالظبي فيه خنس بيّن ... والبدر فيه كلف يعرف
فأعجبته بلاغتها فاشتراها وقرب منزلتها وكانت أعز وصائفة عنده.
حكاية: قيل إن الهيثم بن الربيع كان فصيحاً جباناً كذاباً وكان له سيف يسمى لعاب المنية ليس بينه وبين الخشب فرق قال ظهر لي ظبي فرميته فراغ عن سهمي فعارضه السهم
الصفحة 9
224