ذلك عن بصيرة صادقة ويقين قد تغلغل في قلوبهم، وموهبة من الله عز وجل أزالت صفة كانت قد عجت في النفوس من أخلاق الجاهلية لا يستطيع إزالتها إلا الذي فطر الفطرة الأولى، وهو القادر على ما يشاء.
ومن نحو هذا ما كان من خبر محيصة بن مسعود الأنصاري الخزرجي مع أخيه حويصة، وذلك أنه لما قتل كعب بن الأشرف اليهودي، وكان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحض العرب عليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من ظفرتم به من اليهود فاقتلوه، فوثب محيصة على أحد تجار اليهود، وكان يلابسهم ويبايعهم، فقتله، وكان أخوه حويصة لم يسلم إذ ذاك، وكان أسن منه، فلما قتله جعل حويصة يضربه، ويقول: أي عدو الله قتلته، لرب شحم في بطنك من ماله، قال محيصة، فقلت له: أما والله لقد أمرني بقتله من لو أمرني بقتلك لقتلك، قال: أما والله إن دينا بلغ بك هذا لعجب، فأسلم حويصة، وكان ذلك أول إسلامه.
ومن هذا النحو ما روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال لسعيد بن العاص،