كتاب نزهة الأبصار في مناقب الأنصار لابن الفراء

الوقائع والأيام، ويذكران مثالبهم، وكان عبد الله بن رواحة يعيرهم بالكفر وعبادة ما لا يسمع ولا ينفع، فكان قوله يومئذ أهون القول عليهم، وكان قول حسان وكعب أشد القول عليهم، فلما أسلموا وفقهوا كان أشد القول عليهم قول عبد الله بن رواحة.
وعبد الله بن رواحة [الأنصاري الخزرجي] رضي الله عنه أحد الشهداء بمؤتة من أرض الشام، وخبرها مشهور في السير.
وهو الذي بكى حين ودعه الناس عند خروجه إليها، فقالوا: ما يبكيك يا ابن رواحة؟ فقال: أما والله ما بي حب الدنيا، ولا صبابة بكم، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار:
فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود، فقال المسلمون صحبكم الله ودفع عنكم، وردكم إلينا صالحين. فقال عبد الله ابن رواحة رضي الله عنه:
لكنني أسأل الرحمن مغفرةً ... وضربةً ذات فرغ تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حران مجهزةً ... بحربةٍ تنفذ الأحشاء والكبدا

الصفحة 318