كتاب نزهة الأبصار في مناقب الأنصار لابن الفراء

خرج الشماخ يريد المدينة، فلقيه عرابة فأوقر له بعيرين تمراً وبراً وكساء وأكرمه، فخرج عن المدينة وامتدحه بالقصيدة التي يقول فيها:
رأيت عرابة الأوسي يسمو ... إلى الخيرات منقطع القرين
إذا ما راية رفعت بمجد ... تلقاها عرابة باليمين
إذا بلغتني .. .. .. البيتان .. .. ..
ويذكر أنه قيل لعرابة: بم سدت قومك؟ قال: بأربع: انخدع لهم في مالي، وأذل لهم في عرضي، ولا أحقر صغيرهم، ولا أحسد كبيرهم.
قوله: أذل لهم في عرضي، كأنه أراد قول القائل:
لن يدرك المجد قوم وإن كرموا ... حتى يذلوا وإن عزوا لأقوام
ويشتموا فترى الألوان كاسفة ... لا ذلك عجز ولكن ذل أحلام
وقد تقدم في الباب الأول ما وقع في كتاب النزهة لابن وكيع وصية المنذر لابنه حيث قال: أوصيك بالذل في عرضك. ومن رواية البغدادي رحمه الله أن معاوية رضي الله عنه قال لعرابة رحمه الله: بأي شيء سدت قومك يا عرابة؟ فقال عرابة: أخبرك بأني كنت لهم كما كان حاتم لقومه. قال: وكيف؟ فأنشده:
وأصبحت في أمر العشيرة كلها ... كذي العلم يرضى ما يقول ويعرف
وإني لأعطي سائلي ولربما أكلف ما لا أستطيع فأكلف، والله إني لأعفو من عفيفهم، وأحلم عن جاهلهم، وأسعى في

الصفحة 323