كتاب نزهة الأبصار في مناقب الأنصار لابن الفراء

وكان هذا في تخلفهم عن غزوة تبوك. وروي عن كعب رضي الله عنه أنه قال: لما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمت عليه: فرد علي كالمغضب، ثم قال لي: ما خلفك؟، قال: قلت يا رسول الله والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني أخرج من سخطه بعذر، لقد أعطيت جدلاً، ولكن والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديثاً كذباً لترضين عني، وليوشكن الله أن يسخطك علي، ولئن حدثتك حديثاً صدقاً تجد علي فيه إني لأرجو عقابي من الله فيه، لا والله ما كان لي عذر، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حيت تخلفت عنك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما هذا فقد صدقت فيه، فقم حتى يقضي الله فيك، وكان مرارة وهلال قد قالا مثل مقالة كعب، وقيل لهما مثل ما قيل له: قال كعب: ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أيها الثلاثة، فتنكر لنا الناس ولم يكلمنا أحد. فلما مضت أربعون ليلة أمرنا أن نعتزل نساءنا [ولا نقربهن]، فلما تمت خمسون ليلة إذا أنا بنداء: أبشر يا كعب بن مالك، فخررت ساجداً، وعرفت أن قد جاء الفرج، وكنت كما وصفني ربي ((وضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم))، وتتابعت البشارة، فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو جالس في المسجد وحوله

الصفحة 329