كتاب نزهة الأبصار في مناقب الأنصار لابن الفراء

[بهذا الباب افتتح مالك كتاب الجامع في موطإه]، قال القاضي أبو بكر رحمه الله: المدينة أصل الإيمان ومعدن الدين ومستقر النبوة، توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، فاختلف الناس أين يدفن، فقال قوم بمكة، وقال آخرون ببيت المقدس، يريد أن يحمل إليه بعد الفتح، وقال آخرون بالمدينة، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما دفن نبي قط إلا حيث يموت)).
وذلك دال على تشريف الله تعالى لها، وتقديس تلك البقعة المكرمة.
وهذا من مقامات الصديق رضي الله عنه، فإن له مقامات بعد وفاة المصطفى [صلوات الله عليه] دالة على قوة المعرفة ونفوذ القريحة ونور البصيرة وهي الشجاعة الممدوحة في الناس، ولم يكن فيها أحد أقوى من الصديق [رضي الله عنه]، فإنه كان أشجع الخليقة [بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمضاهم عزيمة وأنفذهم قريحة وأصدقهم فراسة وأثبتهم جأشاً وأصفاهم إيماناً وأشرحهم صدراً.

الصفحة 341