كتاب نزهة الأبصار في مناقب الأنصار لابن الفراء

قال له: دع القلوب تقر.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : اللهم حبب إلينا المدينة وبارك لنا في صاعها ومدها، فالمراد به الطعام الذي يكال بالصاع والمد، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: ((كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه)).
وشكا إليه قوم سرعة فناء طعامهم فقال: أتكيلون أم تهيلون؟
فقالوا: بل نهيل، فقال: كيلوا ولا تهيلوا.
وذكر أبو عبيد المد -أعني مد المدينة- فقال هو رطل وثلث، والرطل مائة وثمانية وعشرون درهماً، والدرهم خمسون حبة وخمساً.
وقوله صلى الله عليه وسلم وانقل حماها واجعلها بمهيعة، وهي الجحفة، قال القاضي أبو بكر رحمه الله: وذلك إما لأنها كانت منزلاً لليهود أو للمشركين، قال أبو القاسم السهيلي رحمه الله: كأنه صلى الله عليه وسلم لم يرد إبعاد الحمى عن جميع أرض الإسلام، ولو أراد ذلك لقال: انقل حماها، ولم يخص موضعاً أو كان يخص بلاد الكفر، وذلك والله أعلم لأنه قد نهى عن سب الحمى ولعنها، وأخبر أنها طهور، وأنها حظ كل مؤمن من النار، فجمع بين الرفق بأصحابه، فدعا لهم

الصفحة 358