بالشفاء منها، وبين أن لا يحرموا أيضاً الأجر فيها يصيبهم منها، فلم يبعدها كل البعد.
وأما مهيعة فقد اشتد الوباء فيها بسبب هذه الدعوة حتى قيل إن الصابر يمر بغدير خم فيسقم، ويقال إن من شرب منه حم، ويقال أنه ما ولد فيها مولود فبلغ الحلم، وهي أرض لا تسكن ولا يقام فيها إقامة دائمة.
فالمدينة خصها الله تعالى بمعالم الدين وأنها دار الوحي ومهبط الهدى والرحمة وبأنها بقعة شرفها الله تعالى بسكنى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبأنها اشتملت على خير خلق الله، وأن فيها روضة من رياض الجنة، فأهل المدينة من المهاجرين والأنصار أفضل الناس لقربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلمهم بأحواله وأحكامه وأيامه وسيره، وجب لكل من كان على مذهب أهل الدينة حيث كانوا من الأرض نصيب وافر من بركة المدينة، وقد أخذنا والحمد لله نحن معشر أهل الأندلس بهذا النصيب الوافر من البركة، فلم تزل الفتوى فيها جارية، والأحكام بها دائرة على مذهب عالمها مالك بن أنس رضي الله عنه من أيام الأمير هشام أو من أيام ابنه الحكم صاحب وقعة الربض على اختلاف النقل في ذلك، وبالجملة في بقية المائة الثانية، إذ كانت الفتوى بها قبل ذلك على مذهب عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي