وإلى الله أتوسل بمن المدينة دار هجرته: وبلد إيوائه ونصرته، أن يبقينا متمسكين بسنته طاهرين من البدع والأحداث في الدين، مقتفين لآثار من مضى من السلف الصالحين ظاهرين على الحق كما أخبر به رسول رب العالمين، وقوله حق وإخباره صدق، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، نقل العدل عن العدل: ((لا تزال طائفة من أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله، والمرجو بفضل الله تعالى لنا معشر أهل الأندلس أن نكون من الطائفة التي ورد فيها الأثر وشملها عموم هذا الخبر، فعلى التمسك بالدين والانحراف عمن عدل عن الجادة من المبطلين والزائغين والملحدين درج من مضى من سلفها الغابرين، وحتى الآن والحمد لله، فالأمانات الدينية محفوظة مؤداة، والحقوق الشرعية مسترعاة كما يجب وموفقة، والنعائم السنية منتهجة مقتفاة، والمثارات البدعية دراسة معفاة، وذلك ببركة من أبقى الله بهم دماء الإسلام بهذه الجزيرة ورمقه، وأعاد على أيديهم إلى النضارة بعد الاستحالة منظره ورونقه، فكافأ الله مالهم في إغاثة الخلق والوقوف مع إقامة الحق من مذهب جميل ومقصد جليل مكافأة تتصل أسبابها، ويتضاعف أجرها وثوابها، اللهم كما شرفتهم نباتاً ونسباً وجعلتهم لصلاح هذه البقية المباركة داعية وسبباً، فهيئ لهم من أمرهم في هذه الجزيرة رشداً، وأرهم فيها من ألطافك