الخفية واعتناءاتك الباهرة الخفية آية عجباً برحمتك يا أرحم الراحمين.
وهنا انتهت هذه الأحرف التي قيدتها واللمع التي أوردتها مجتزئاً فيها باليسير منسوباً في اختصارها إلى الاقتصار على التقصير، وقد كان في الخاطر أن أتتبع الآيات التي نزلت فيهم وفي آحادهم، والآثار التي وردت في فضائلهم ومناقب أعلامهم، وأضم إلى ذلك من كلامهم وخطب خطبائهم وأشعار شعرائهم وتواريخهم في الجاهلية والإسلام وأخبارهم وذكر مغازيهم ووقائعهم، كل ذلك موصول بما يجب من تفسير اللغات وتبيين المشكلات، فعاقني عن ذلك ما أنا عليه في الوقت من ضعف المؤنة وعدم المعونة، فأحوالي يعلم الله عن معهودها حائلة، وفكرتي بتمون من لي قاطعة عن النظر وشاغلة، فكأن هذا الذي أثبت مدخل لما أردت أن أنموذج مما إليه ذهبت ولاجتلابه قصدت، على أن هذه اللمع المجتلبة والحروف المكتتبة لم تنتظم لذي فصاحة قليلة وقريحة تنظر بعين كليلة وذهن ينبوا عن الفهم وخاطر يكبوا في مهمه الوهم إلا بعد نصب وجهد واحتمال تعب وكد، فلذلك أرغب ممن طالعه أن ينظر فيه بعين الإغضاء ويلتمس له مهما قرر طريقاً إلى الأخذ بالمسامحة والإرضاء، فما أنا وإن نسب الناظر إلى تقريظه وتشنيفه، وحسب أني ابتدعت تصنيفه أو اخترعت تأليفه، إلا بمنزلة من كتب بالإملاء أو نسخ صحيفة، إذ علمي بنفسي والحمد لله لم يحملني على أن أغتر بفهمها السقيم أو أمشي على منهاج تفقهها غير القويم، فما أخذت ولا أعطيت ولا فصلت في قضية ولا أمضيت إلا بالوقوف مع نقل الأقوال