ثم دخلت سنة ثمان وأربعين وستمائة
في أول ليلة منها كان المصاف (¬1) بين المسلمين والفرنج على المنصورة. وبعد وصول الملك المعظم تورنشاه الى المخيم، مسك الفرنسيس وأخوه (¬2) وجماعة من الخيالة والرجالة، فاعتقل الفرنسيس وأخوه بدار لقمان فخر الدين، بالمنصورة، وقتل من الفرنج مائة ألف (¬3).
ووصل كتاب المعظم تورنشاه إلى الأمير جمال الدين ابن يغمور بخط يده يقول [من] (¬4) ولده تورنشاه: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن، وما النصر إلا من عند الله، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، وأما بنعمة ربك فحدث، وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. نبشر المجلس السامي (¬5) الجمالي (¬6)، بل نبشر الإسلام كافة، بما منّ الله على المسلمين من الظفر بعدو الدين. فإنه قد استفحل أمره واستحكم شره، ويئس العباد من البلاد والأهل والأولاد، فنودي {لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ} (¬7). ولما كان يوم الأربعاء مستهل السنة المباركة تمم الله على الإسلام بركتها (¬8)، فتحنا الخزائن وبذلنا الأموال، وفرقنا السلاح (¬9)، وجمعنا العربان [والمطوعة] (¬10)، فاجتمع خلق [عظيم] (¬11) لا يحصيهم إلا الله تعالى، فجاءوا (¬12) من كل فج عميق. [ومكان بعيد سحيق] (¬13). فلما رأى العدو ذلك أرسل يطلب (¬14)
¬_________
(¬1) حول هذه الواقعة أنظر أبو الفداء، المختصر 3/ 181، السلوك ج 1 ق 2، ص 355، النجوم الزاهرة 6/ 364 - 365، دول الاسلام للذهبي 2/ 153 - 154، وعقد الجمان للعيني 1/ 17.
(¬2) هو كونت بواتو الفونسو Alfanso of Poiteau ، أنظر:
Runciman :The Crusades .V .3 P .269 - 271.
(¬3) في مرآة الزمان 8/ 778 ما يشبه ذلك، وعند ابن العميد: قتل عشرين ألف فارس وأسر ما يناهز مائة ألف نفس. أنظر ابن العميد في:
B .E .O,T .XV,P .160.
(¬4) التكملة من السلوك ص 356. وقارن ما جاء في هذا الكتاب في المصدر ذاته وفي مرآة الزمان 8/ 778.
(¬5) هو من ألقاب أرباب السيوف والأقلام. وكان في الدولة الأيوبية لا يلقب به إلا الملوك والسلاطين، ثم أصبح فيما بعد يكاتب به كبار الأمراء والوزراء. صبح الأعشى 5/ 496.
(¬6) في الأصل: الجمال.
(¬7) القرآن الكريم، سورة يوسف، الآية 87.
(¬8) في الأصل: بركاتها. التصويب من السلوك ج 1 ق 2، ص 357 ومرآة الزمان 8/ 778 عقد الجمان 1/ 20،
(¬9) في الأصل: الاسلاحة، التصويب من المصادر السابقة.
(¬10) التكملة كما وردت في المصادر السابقة.
(¬11) التكملة من مرآة الزمان 8/ 778.
(¬12) في الأصل: وجاءوا، التصويب من السلوك ج 1 ق 2، ص 357.
(¬13) التكملة من المصدر السابق.
(¬14) في الأصل: أرسلوا يطلبوا.