كتاب النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات (اسم الجزء: 8)

الله صلى الله عليه وسلم، فيما أتاه عن أصحابه إن اجتمعوا، فإن اختلفوا، حكم بمن صحبت الأعمال قوله عنده، ولا يخالفهم جميعا ويبتدئ شيئا من رأيه، فإن لم يكن ذلك فيما ذكرنا، اجتهد رأيه وقاسه بما أتاه عنهم، ثم يقضي بما يجتمع عليه رأيه، ورأى أن الحق، فإن أشكل عليه، شاور رهطا من أهل الفقه ممن يستأهل أن يشاور في دينه ونظره وفهمه ومعرفته بأحكام من مضى وآثارهم، وقد شاور عمر وعثمان عليا رضي الله عنهم. قال سحنون: فإن اختلفوا فيما شاورهم، نظر إلى أشبه ذلك بالحق، فأنفذه، وإن رأى خلاف/ رأيهم، لم يعجل، ووقف وازداد نظرا، ثم يعمل من ذلك بالذي هو أشبه عنده بالحق، وقد بلغني عن بعض العلماء، قال: بقي القرآن موضعا للسنة، وبقيت السنة موضعا للرأي.
وفي المجموعة من أول كلام مالك، فيما يحكم به الحاكم، إلى آخره، إلا أنه نسبه إلى سحنون، وزاد: وليدع الخبر الذي صحبت غيره الأعمال، غير مكذب به، ولا معمول به. قال سحنون: وينبغي له إذا لم يستبن له الحكم ألا يعجل حتى يفكر وينظر، ويشاور فيه أهل الفقه الذين يستحقون أن يشاوروا.
قال أصبغ في كتابه: وإذا لم يجد الحكم في الكتاب، ولا في السنة، ولا فيما اجتمع عليه الصحابة، رضي الله عنهم، ولا فيما اختلفوا فيه، اجتهد رأيه، وشاور من يثق به، وقاس بالأصول، فإذا وداه اجتهاده بالتشبيه إلى شيء، وقدجاء حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن بعض الصحابة، رضي الله عنهم، فليترك ذلك الحديث، ويرد ذلك إلى الأصول.
وقال محمد بن عبد الحكم نحو قول أصبغ، أنه إذا لم يكن ذلك في كتاب الله، ولا في السنة، ولا في قول الصحابة، رضي الله عنهم، ولا في إجماع، اجتهد رأيا، ومثل الأشياء بعضها ببعض، والنظائر والأشباه، وشاور، ثم حكم وإن أشكل عليه الأمر، ولم يتبين له فيه شيء، تركه/ ولا يحكم وفي قلبه منه شك. [8/ 16]

الصفحة 16