كتاب عدة المريد الصادق
كافر بشبهة إسلام أولى من إخراج مسلم بذلك (¬1) ذكره في الشفاء فانظره، ولقد رأيت من الناس كثيرا لا يرون الفقير إلا من يستظهر بذلك، ومن يحفظ حرمة الله ورسوله يسمونه يابسا، ويقولون: لا خير عنده، وهو لو فتح باب الكلام في حقائق الحقائق ما شموا له رائحة، أعاذنا الله مما ابتلاه به بمنه وكرمه.
...
78 - فصل
في وضع الشيء في غير محله
وهو نظر الناس بالعلم في غيرهم، وتركهم الحكم به على أنفسهم، فتجد أحدهم إذا سمع شيئا من الأمور التي عمت بها البلوى، ووقع فيها عوام الخلق من العلماء والفقراء وغيرهم، يقول: هذا حال الناس اليوم يفعلون كذا ولا يتقون كذا، ويدع النظر في نفسه بذلك، فيعمى عن عيبه ويبصر عيب أخيه، وذلك من حسن ظنه بنفسه وتزكيتها، وقد أشار إليه رسول الله (ص) بقوله: ((يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه ولا يبصر الجذع في عينه)) (¬2) الحديث، وقد ابتلي فقراء هذا الوقت بخمسة أشياء: الاغترار، والوسوسة، والكسل، ورؤية الأهلية لكل كمال بأول قدم، والتعزز بالطريق على كل حال.
فحدث لهم بذلك خمسة أمور: من الاغترار اتباع كل ناعق بحق أو
¬__________
(¬1) انظر قواعد التصوف للمؤلف ص 51.
(¬2) أخرجه ابن حبان (الإحسان 13/ 73) وعزاه العجلوني في كشف الخفاء 2/ 543 إلى أحمد عن أبي هريرة (ض)، وكذلك البخاري في الأدب المفرد رقم 592، وهو لأحمد في الزهد موقوف على أبي هريرة، وذكره العجلوني مرة أخرى في 1/ 351 وعزاه إلى البيهقي في شعب الإيمان، ولم يتكلم عليه، ووقفه أصح، وانظر الزهد للإمام أحمد ص 178.
الصفحة 237
361