كتاب عدة المريد الصادق

81 - فصل
في أمور أولع بها بعض الناس وفيها مغمز ما
منها أحزاب الشيخ محمد عبد الحق بن سبعين، وهي محتوية على حقائق ودقائق وأمور عالية بعبارات فائقة، وشقاشق عظيمة، بعضها في الإضمار وبعضها خارج عال، فلذلك وجب على الضعفاء اتقاؤها، وكان التسليم فيها أولى من العمل بها، إلا حزب السلام له، وفيه ما فيه، للعدول عن الألفاظ الشرعية إلى عبارة أخرى لا ندري ما قصده بها، إن لم يكن الإيقاع في النفس، وبالجملة فذلك وقع له بحسب حاله ومقامه، ونحن لا نأخذ إلا ما جمع العبودية والأدب والتأثير، لا غير ذلك، فافهم.
ومنها دعوات البوني وأقسامه المرتبة على الساعات وغيرها، وقد نص العلماء على أن ذلك بدعة مكروهة، ويعنون: للعالم به، فأما غيره من الجهال فلا حديث عليه، وهو ممنوع منه بكل حال، ويرحم الله الشيخ أبا العباس بن البنا (¬1) حيث يقول: باين البوني وأشكاله، ووافق خير النساج وأمثاله (¬2) وجملة كتب الشيخ أبي العباس البوني واجبة الاجتناب، إلا ثلاثة لثلاثة: (علم الهوى)، للعارف والمريد المتسع في باب العلم بعد إشرافه على الحقيقة، (ومواقف (¬3) الغايات) لمن يعرف موارد النفوس، ومواضع السلوك، (وقبس الاهتداء إلى وفق السعادة)، لمن أراد الاستعانة في توجهه بأسماء الحق سبحانه، وما سوى ذلك فضرره أكثر من نفعه، لا سيما ما بأيدي الناس مسمى شمس المعارف، فإنما هو ظلامها على الضعفاء وقد رأيت جزءا من كتاب مسمى بذلك، فرأيت من ترتيبه العجب العجاب، فذكر في بعض الناس أنه الأصل، وأن الذي بأيدي الناس وضعه بعض
¬__________
(¬1) هو أحمد بن محمد الأزدي العدوي المراكشي، عالم مشارك في كثير من العلوم، (ت 721) نيل الابتهاج 65، ومعجم المؤلفين 2/ 126.
(¬2) العبارة في قواعد التصوف ص 44: فمن ثم قيل: تجنب البوني وأشكاله، ووافق خير النساك وأمثاله، وهو تحريف، وخير النساج.
(¬3) في ت 1: مواقيف، وفي ت 2: موافق.

الصفحة 242