كتاب عدة المريد الصادق

84 - فصل
وأما ادعاء المراتب والمجاسرة عليها
فمثل قولهم: بأنه في مرتبة كذا، وفلان بلغ إلى كذا، وترجمة مشايخهم ومعتقديهم بالقطبانية ونحوها، فلا تكاد ترى من له شيخ إلا يدعي له القطبانية، وربما قبلها الآخر منه وادعاها، وهي مصيبة عظيمة في ثلاثة أوجه:
أحدها: التجاسر على مراتب الرجال وادعاؤها لمن لا يصلح أن يكون خديما في المراحيض، حتى لقد سمعت من بعض من تعلق بالفقراء من الجند، أن القطب هو السلطان العادل، ويقول: وهذا قد يحسن بوجه، قال: فإن كان ظالما فهو وتد أو قال: بدل، وهذه جسارة عظيمة نسأل الله العافية.
الثاني: الكذب على الله والرجم بالغيب على غير حقيقة ولا دلالة واضحة، إذ قال أئمة الطريق: القطب معلوم غير معين، وهو واحد من القوم، قدم عليهم كالملك على رعيته، فيرجع إليه في المهمات، وثبوته كسائر المراتب المذكورة في أولياء العدد، غير مستندة لدليل واضح من علم الظاهر، ولا الحديث الصحيح (¬1) غير إجماع القوم على إثبات هذه المرتبة وتحقيقهم لها، وشهادة أحوالهم بالصدق والحق، وكذلك حياة الخضر ووجوده ولقاؤهم له، فخبرهم في ذلك مقبول للعدالة مع الاستفاضة، والله أعلم.
الثالث: سقوط حرمة أولياء الله من قلوبهم، وهب أنهم اعتقدوا ذلك لأمور دلتهم عليه، فمن أين لهم الجزم بذلك، والشيء لا يعرف إلا بمثله، ولا يقاس إلا بما كان من شكله، ولا يعرف الأمثال إلا الأماثل، ولا يفهم المرتبة إلا من قاربها أو دخلها، بل قال سيدي أبو عبد الله القرشي (¬2) (ض):
¬__________
(¬1) هو كما قال: لم يثبت اسم القطب في حديث مرفوع إلى النبي (ص) يعول عليه.
(¬2) أبو عبد الله محمد بن سعيد القرشي ذو البيان الشافي واللسان الوافي حلية الأولياء 10/ 373 وطبقات الشعراني 1/ 137.

الصفحة 249