كتاب عدة المريد الصادق

رحمه الله يقول: إذا كانت الرحمة تنزل عند ذكر الصالحين، فكيف بزيارتهم ومحل اجتماعهم على ربهم، وقد تقدم من كلام الشيخ أبي العباس الحضرمي (ض)، في مدد الحي والميت، ولكن ينبغي أن لا يجعل ذلك عدة وعمدة، لئلا يضيع به نظام الحق والحقيقة، ولذلك قال ابن ليون: ليس من شأن (¬1) الفقراء شد الرحال للزيارات، وقل من اشتغل به فنفذ، وبالله التوفيق.
...
¬__________
= أحياء وأمواتا، وإلى المواضع الفاضلة لقصد التبرك بها، والصلاة فيها، فقال الشيخ أبو محمد الجويني: يحرم شد الرحال إلى غيرها عملا بظاهر الحديث، وبه قال القاضي عياض وجماعة من العلماء، قال الحافظ في فتح الباري 3/ 307: والصحيح عند إمام الحرمين وغيره من الشافعية أنه لا يحرم، وأجابوا عن الحديث بأجوبة، منها أن المراد أن الفضيلة التامة إنما هي في شد الرحال إلى هذه المساجد بخلاف غيرها، فإنه جائز، ومنها أن النهي خاص بمن نذر الصلاة في مسجد من سائر المساجد غير الثلاثة، فنذره لا يجب الوفاء به، وقد كان النبي (ص) يشد الرحال إلى مسجد قباء ويأتيه كل سبت، ويدل على أن ظاهر الحديث غير مراد على إطلاقه، أن شد الرحال لغير المساجد كطلب العلم والتجارة جائز بالاتفاق وممن نص على جواز الخروج إلى زيارة قبور الصالحين والصلحاء، طال السفر أو قصر، ابن العربي في القبس 3/ 1157 و1085، والغزالي في الإحياء، وفي شرح صحيح مسلم 9/ 106: والصحيح عند أصحابنا، وهو الذي اختاره إمام الحرمين والمحققون أنه لا يحرم، ولا يكره، انظر المعيار 1/ 320، والمدخل 2/ 139، وإحياء علوم الدين 1/ 251 و4/ 473، أقول: والجواز عند من يقول به مقيد بعدم وجود المخالفات التي نشاهدها اليوم من الطواف بالضريح والصلاة عنده والتمسح به، وسوق الذبائح إليه، ولإقامة ما يسمى (بالمزارات) الجماعية المشتملة على (الحضرة) بالطار والشطح والرقص وما فيها من آفات أخرى كالاختلاط، وصرف المال وإنفاقه فيما يظن قربة وليس بقربة، ولله در المؤلف، فقد ذكر الخلاف في موضع الزيارة هذا، ثم ختمه بقوله: لكن ينبغي ألا يجعل ذلك عدة وعمدة، لئلا يضيع نظام الحق والحقيقة، ونقل عن ابن ليون قوله: ليس من شأن الفقراء شد الرحال للزيارات، وقل من اشتغل به فنفذ، وبالله التوفيق.
(¬1) في خ: ليس من شأن.

الصفحة 256