كتاب عدة المريد الصادق

فهمها وعربنا معجمها، فأقروا بنقصه في مراتب الوجود، فمنهم من عدل عنه، ومنهم من أقام عليه مع علمه بنقصه، ثم قال: وليعلم وليي وفقه الله، أني لما قرأت بالحرم الشريف ما ذكرته لك في حق المنتسبين إلى الصوفية، وفي أحوالهم ثقل ذلك على شخص، وقال: ما دعاه إلى هذا؟ والإعراض عن هذا أحسن، وما أشبه هذا الكلام، فزاد عند اعتراضه، تقوية أن هذا هو الحق، لكونه ثقل عليه (¬1)، قال: ولقد عمي هذا القائل عن الأصول التي استندت إليها في فعلي هذا، وهو يسلمها، وقد قرعت سمعه غير مرة، ولم يعتب عليهم، بل استحسن ذلك، فلما وقع ذلك الذم في أهل زمانه، رأى ذلك فضولا، لكونه في ذلك الزمان يخاف أن يتطرق إليه الذم في نفسه فحزن، ولو أنصف لبحث عن نفسه.
ثم ذكر من أصوله التي بنى عليها في ذم أهل زمانه عموما، وأتى بشواهد من الحديث وغيره في ذلك عن أبي المهلب، قال: مررت بالساحل، فرأيت شابا قد احتفر لنفسه حفرة في الرمل، فسألته فتأوه، ثم قال يذم أهل زمانه: قد توعرت السبل، وقل السالكون لها، قد افترشوا الرخص وتمهدوا الزلل، واعتلوا بزلل الماضين إلى مثل هذا الكلام، ثم قام فمشى على الماء حتى غاب عني، أرأيت قط يتفق هذا لمن يتكلم فيما لا يعنيه، ثم ذكر بقية الأصول التي بنى عليها.
...

98 - فصل
ثم قال بعد فراغه من ذكر أصوله في ذلك: فيا أيها المعترض، هذه الأصول التي استندت إليها في ذم أهل وقتي، لا حشرني الله معهم، ولا أماتني على حالهم: هلا كنت ناصري في قولي هذا، وتعرف أنه الحق،
¬__________
(¬1) نقل المؤلف عن الحكم لابن عطاء الله في فصل 90: إذا التبس عليك أمران فانظر أثقلهما على النفس فاتبعه، فإنه لا يثقل عليها إلا ما كان حقا.

الصفحة 280