كتاب عدة المريد الصادق

إن في أبي داود ما يقوي حديثه حتى يكون بمجموعها حسنا (¬1) والحسن معمول به لا سيما في باب الفضائل، وفي الضعاف مسح الوجه بهما آخرا (¬2) والعمل بالضعيف في مثل هذا مسموح به عند العلماء، ومنها إنكار بعض الناس للاستغفار بعد الفراغ من الصلاة، وهو محجوج بحديث ثوبان (ض)، قال: ((كان (ص) إذا انصرف من الصلاة استغفر ثلاثا)) (¬3) رواه مسلم، وأيضا فكونها عبادة لا يمنع من اقتران الاستغفار بها، استشعارا لتقصيرها، ومنها قولهم: تقبل الله منا ومنكم، وربما يقبل يده، وهذه بدعة لا أصل لها من السنة ولا حقيقة لها في الشرع ولا شبهه من الحق، ومنها تنفل الإمام في محرابه، وقد عدت من جهالته، كتعمقه في المحراب، وطول قيامه قبل الإحرام، ودخوله قبل استواء الصفوف، وقراءته في الثانية أطول من الأولى، واعتباره بمناسبة الأيام والأوقات للقراءة، كقراءة سورة الجمعة في صبح الجمعة، إذ لم يرد، بخلاف السجدة وهل أتى فإنه ورد صحيحا (¬4)، وإن لم يكن مشهور المذهب، وكذلك قراءة الكافرون والإخلاص في مغرب ليلتها (¬5)
¬__________
(¬1) أحاديث رفع اليدين كلها صحيحة، والذي صححه الحافظ في بلوغ المرام هو مسح الوجه بهما بعد الدعاء كما يأتي، وعبارة المؤلف تفيد غير هذا.
(¬2) خرج الحافظ في بلوغ المرام 4/ 219 حديث عمر (ض): كان رسول الله (ص) إذا مد يديه في الدعاء لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه، وقال: أخرجه الترمذي، وله شواهد، ومنها عند أبي داود من حديث ابن عباس وغيره، ومجموعها يقضي بأنه حديث حسن، وحديث أبي داود الذي عناه الحافظ هو في سنن أبي داود رقم 1485، وفيه: ((سلوا الله ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها، فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكما))، قال أبو داود: روي من وجوم كلها واهية، وهذا أمثلها، وهو ضعيف أيضا، وخرجه أيضا الحاكم في المستدرك من حديث عمر وابن عباس وسكت عنه الذهبي 1/ 536.
(¬3) مسلم حديث رقم 591، وفي حديث البراء مرفوعا: ((من استغفر في دبر كل صلاة ثلاث مرات، فقال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غفرت له ذنوبه وإن كان قد فر من الزحف))، خرجه أبو يعلى، وسكت عنه البوصيري، وعزاه في مجمع الزوائد 10/ 107 إلى الطبراني في الصغير والأوسط، وقال: فيه عمر بن فرقد ضعيف، وانظر المطالب العالية 1/ 83.
(¬4) هو في صحيح مسلم حديث رقم 879.
(¬5) تقدم في فصل 31.

الصفحة 296