كتاب عدة المريد الصادق

والاستخفاف به في ذلك، مع أن النساء غير مأمونات، وللنفوس كمائن، وإذا كان العلماء اختلفوا في اليهودية هل هي مع المسلمة كمثلها، أو تنزل منزلة الرجل في رؤيتها، فكيف بالرجال.
ومنها التهاون بحقير الدار، كالخديم والمتسخر، ومن يجر لهم الحوائج ونحو ذلك، وذلك أصل كل علة وفساد كما هو مشاهد معلوم، لأنه يبيع أستاذه بلقمة تطعم له، أو درهم يناله، أو مدح يسمعه في نفسه.
ومنها التطبب باليهود وتمكينهم من الحكم في أبشار الناس، مع ما عرف من دينهم: أن من نصح مسلما فقد خرج عن دينه.
قال ابن الحاج: وهم يقسمون الناس في طبهم أقساما، أما المؤمن التقي النقي الوجيه، فليس له عندهم إلا الموت، ويتحيلون له في ذلك بكل ما أمكن، والضعيف من السؤال ينصحونه، لأن بناءه زيادة شوهة في المسلمين، مع استعانتهم بنصحه على ما هم به، إذ يقال: لو كان عندهم عيب عاملوا (¬1) به الضعفاء، ونحو هذا، وكذا الجند ينصحونهم لما يقع من التشفي يتحكمهم في المسلمين وظلمهم، مع الاستعانة بهم، وقد عاينا من ذلك وجربنا من حركاتهم ما يطول ذكره، والنصارى خير منهم في ذلك، وإن كان لا خير في الجميع، وقد أتى ابن الحاج في مدخله في هذا الأمر بما لا مزيد عليه، ومن ذلك مناصحتهم وموالاتهم أو ظلمهم وأذاهم، فقد قال الله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} (¬2) وقد قال رسول الله (ص): ((من ظلم ذميا لم يرح رائحة الجنة، ومن ظلم ذميا فأنا خصمه يوم القيامة)) (¬3) ومن ذلك
¬__________
(¬1) في خ: ما عاملوا.
(¬2) المائدة 51.
(¬3) الجزء الأول من الحديث خرجه أبو داود حديث رقم 3052، ولفظه: ((من ظلم معاهدا ... ، فأنا حجيجه))، وليس فيه: ((لم يرح رائحة الجنة))، وفي سنن البيهقي: ((ومن قتل معاهدا له ذمة الله وذمة رسوله، حرم الله ريح الجنة عليه))، ولفظ المؤلف وهو المشهور على الألسنة: ((من آذى ذميا كنت خصمه يوم القيامة))، رواه الخطيب عن جابر، وقال: حديث منكر، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات، ونقل عن الإمام أحمد أنه لا أصل له، وفي سنده عباس بن أحمد الواعظ، قال في الميزان: إنه =

الصفحة 300