كتاب عقوبة الارتداد عن الدين بين الأدلة الشرعية وشبهات المنكرين

المذهب الأول لم يعاقب النبي - صلى الله عليه وسلم - هؤلاء المرتدين، لأنهم فروا هاربين إلى أهل الشرك ساعة ارتدوا. ثم عادوا تائبين.
وعلى المذهب الثاني يكون من تحدثت عنهم الآية غير مسلمين أصلاً فهم باقون على أصل كفرهم بالإسلام وليسوا مرتدين، لإن الردة لا تتحقق إلا ممن كان مسلماً حقيقة ثم ارتد.
أما قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا} .
فقد بين المفسرون المراد من هذه الآية الكريمة، وجلهم يقول إن المراد من الذين آمنوا ثم كفروا "هم المنافقون" والمنافقون قوم كانوا يتظاهرون بالإيمان قولاً وعملاً ويبطنون الكفر، وكثيراً ما تعتريهم ومضات من الإيمان ثم يسيطر عيهم الكفر، وأحكام الإسلام إنما يجرى على الظاهر لا على الباطن، فلم يكن لفتلهم على ردتهم سبيل للأمور الآتية:
1- نطقهم بالشهادتين وحضورهم الصلوات في المساجد ... إلخ.
2- إن الردة التي تحدث عنها القرآن - هنا - ليست ردة ظاهرة وإنما هي أحوال نفسية كانت تعتريهم، واعتقادات قلبية لم يجر بها إنسان.
3- إن المنافقين كانوا شديدى الحرص على إخفاء كفرهم والتظاهر

الصفحة 15