كتاب عقوبة الارتداد عن الدين بين الأدلة الشرعية وشبهات المنكرين

الشبهة الثالثة وقائع من عصر النبوة أساءوا فهمها
عمد منكرو حد الردة إلى واقعتين حدثتا في عصر النبوة، ثم أساءوا فهمها وطوعاهما لتصلحا دليلين على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان الناس يرتدون في حياته ولم يقم على أحد منهم حد الردة فيقتله وتلكما الواقعتان هما:
الأعرابي الذي طلب الإقالة من البيعة
جاء في صحيحى البخاري ومسلم أن إعرابياً بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم جاءه بعد البيعة وطلب أن يقيله الرسول من بيعته فقال: يا رسول الله أقلني من بيعتي" فأبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وكرر الأعرابي طلب الإقالة ثلاث مرات والرسول يأبى ثم خرج الأعرابي من المدينة".
استدل منكرو حد الردة بهذه الواقعة وقالوا إنها حالة ردة ظاهرة لم يعاقب الرسول صاحبها بالقتل، وتوهموا - بناء على ذلك - أن المرتد لا يجوز قتله، وأن قتل المرتد حد مزعوم - يعني كذباً - لا أصل له في الإسلام.
ولست أدري إن كان هؤلاء المنكرون لحد الردة جاهلين أم متجاهلين والمتبادر إلى الذهن أنهم معاندون يعرفون الحق ثم ينكرونه. وهم

الصفحة 43