كتاب أسد الغابة في معرفة الصحابة ط الفكر (اسم الجزء: 3)
واحترسوا من عمير. وأقبل عُمَر وعمير فدخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع عمير سيف، فَقَالَ: أنعموا صباحًا- وهي تحيتهم فِي الجاهلية- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قَدْ أكرمنا اللَّه عَنْ تحيتك، السَّلام تحية أهل الجنة! فما أقدمك يا عمير؟ قَالَ: قدمت فِي أسيري، ففادونا فِي أسيركم، فإنكم العشيرة والأهل. فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فما بال السيف فِي رقبتك؟
فَقَالَ عمير: قبحها اللَّه، [١] فهل أغنت عنا من شيء، إنَّما نسيته حين نزلت. فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصدقني، ما أقدمك؟ قَالَ: قدمت فِي أسيري. قَالَ: فما الَّذِي شرطت لصفوان بْن أمية فِي الحجر؟ ففزع عمير فَقَالَ: ما شرطت لَهُ شيئًا! قَالَ: تحملت لَهُ بقتلي عَلَى أن يعول بنيك، ويقضي دينك، والله حائل بيني وبينك! قَالَ عمير: أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأشهد أنك رَسُول اللَّه، يا رَسُول اللَّه، كُنَّا نكذبك بالوحي، وبما يأتيك من السماء، وَإِن هَذَا الحديث كَانَ بيني وبين صفوان فِي الحجر، والحمد للَّه الَّذِي ساقني هَذَا المساق، وَقَدْ آمنت باللَّه ورسوله. ففرح المسلمون حين هداه اللَّه.
قَالَ عُمَر: والذي نفسي بيده لخنزير كَانَ أحب إليَّ من عمير حين طلع، ولهو اليوم أحب إليَّ من بعض ولدي! فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اجلس يا عمير نؤانسك. وقَالَ لأصحابه: علموا أخاكم القرآن. وأطلق لَهُ أسيره، فَقَالَ عمير: يا رَسُول اللَّه، قَدْ كنت جاهدًا ما استطعت عَلَى إطفاء نور اللَّه، والحمد للَّه الَّذِي هداني من الهلكة، فائذن لي يا رَسُول اللَّه فألحق بقريش فأدعوهم إِلَى اللَّه تَعَالى وَإِلى الْإِسْلَام، لعل اللَّه أن يهديهم ويستنقذهم من الهلكة. فأذن لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلحق بمكة وجعل صفوان بْن أمية يَقُولُ لقريش: أبشروا بفتح ينسيكم وقعة بدر. وجعل يسأل كل من قدم من المدينة: هَلْ كَانَ بها من حدث؟ حتَّى قدم عَلَيْهِ رَجُل فأخبره أن عميرًا أسلم، فلعنه المشركون، وقالوا: صبأ، وحلف صفوان لا ينفعه بنفع أبدا، ولا يكلّمه كلمة أبدًا. فقدم عليهم عمير، فدعاهم إِلَى الْإِسْلَام، فأسلم بشر كثير.
أخرجه الثلاثة
٤٠٩١- عمير بن وهب
(د ع) عمير. غير منسوب. هُوَ رَجُل من الصحابة، لَهُ ذكر فِي حديث الزُّهْرِيّ، عَنْ أنس قَالَ: خرج النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومًا نصف النهار، وعلى بطنه صخرة مشدودة، فأهدى له
---------------
[١] يعنى السيوف.
الصفحة 798
807