كتاب أسد الغابة في معرفة الصحابة ط الفكر (اسم الجزء: 4)
وهو الَّذِي فتح بلاد الجزيرة، وصالحه أهلها. وهو أول من أجاز الدرب [١] فِي قول الزُّبَيْر.
ولما مات استخلف عُمَر عَلَى الشام سَعِيد بْنُ عَامِر بْن حذيم [٢] ، وكان موت عياض سنة عشرين. وكان صالحًا فاضلًا سمحًا، وكان يسمى «زاد الركب» ، يطعم النَّاس زاده، فإذا نفد نحر لهم جمله.
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الوهاب بن هبة الله بإسناده عن عبد الله بن أحمد: حدثني أبي، حدثنا أبو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، [عَنْ جُبَيْرِ بْنِ [٣] نُفَيْرٍ] قَالَ: جَلَدَ عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ صَاحِبَ دَارٍ حِينَ فُتِحَتْ، فَأَغْلَظَ لَهُ هِشَامُ بْنُ حَكِيمٍ الْقَوْلَ حَتَّى غَضِبَ عِيَاضٌ. ثُمَّ مَكَثَ لَيَالِي، فَأَتَاهُ هِشَامٌ فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ هِشَامٌ لِعِيَاضٍ: أَلَمْ تَسْمَعْ رسول الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا أَشَدُّهُمْ لِلنَّاسِ عَذَابًا فِي الدُّنْيَا» ؟! فَقَالَ عِيَاضٌ: قَدْ سَمِعْنَا مَا سَمِعْتَ، وَرَأَيْنَا مَا رَأَيْتَ، أو لم تسمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِذِي سُلْطَانٍ عَامَّةً فَلا يُبْدِ لَهُ عَلانِيَةً، وَلَكِنْ لِيَخْلُ بِهِ [٤] ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ، وَإِلا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ [لَهُ] » وَإِنَّكَ يَا هِشَامٌ لأَنْتَ الْجَرِيءُ [٥] إِذْ تَجْتَرِئُ عَلَى سُلْطَانِ اللَّهِ، فَهَلا خَشِيتَ أَنْ يَقْتُلَكَ السُّلْطَانُ، فَتَكُونَ قَتِيلَ سُلْطَانِ اللَّهِ؟ [٦] ! أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي يَعْلَى أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هِقْلٌ، عَنِ الْمُثَنَّى، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَإِنْ مَاتَ فَإِلَى النَّارِ، وَإِنْ تَابَ قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ، وَإِنْ شَرِبَهَا الثَّالِثَةَ أَوِ الرَّابِعَةَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهِ مِنْ رَدْغَةِ الْخَبَالِ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا رَدَغَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: عصارة أهل النار» . أخرجه الثلاثة.
---------------
[١] في المطبوعة: «الدروب» . والمثبت عن كتاب نسب قريش، ولفظ مصعب: «وهو أول من أجاز الدرب إلى الروم» ، وفي الاستيعاب، الترجمة ٢٠١٤/ ٣/ ١٢٣٤: «وهو أول من اجتاز الدرب ... » .
والدرب: باب السكة الواسع، وكل مدخل إلى الروم: درب.
[٢] في المطبوعة: «عامر بن جريم» . والمثبت عن ترجمته، وقد تقدمت برقم ٢٠٨٣، ٢/ ٢٩٣.
[٣] ما بين القوسين لا يوجد في مسند الإمام أحمد.
[٤] لفظ المسند: «ولكن ليأخذ بيده فيخلو به» .
[٥] في المطبوعة: «لأنت الحرى» . والمثبت عن المسند.
[٦] مسند الإمام أحمد: ٣/ ٤٠٣، ٤٠٤.
الصفحة 28