كتاب أسد الغابة في معرفة الصحابة ط الفكر (اسم الجزء: 5)

إلى بيته يأوي الغريب إذا شتا ... ومهتلك بالي الدريسين عائل [١]
تكاد يداه تسلمان رداءه ... من الجود لِمَا استقبلته الشمائل [٢]
فأقسم لو لاقيته غير موثق ... لآبك بالجزع الضباع النواهل [٣]
وإنك لو واجهته ولقيته ... ونازلته، أو كنت ممن ينازل
لكنت جميل [٤] أسوأ الناس صرعة ... ولكن أقران الظهور مقاتل
وهي أطول من هَذَا. وقد قيل: إن هَذَا الشعر يرثي بِهِ أخاه عروة بن مرة. ومن جيد قَوْله فِي أخيه [٥] :
تَقُولُ: أراه بعد عروة لاهيا ... وَذَلِكَ رزء- ما علمت- جليل
فلا تحسبي أني تناسيت عهده ... ولكن صبري يا أميم جميل
ألم تعلمي أن قد تفرق قبلنا ... خليلا صفاء: مالك وعقيل [٦]
قَالَ أبو عمر [٧] : ولأبي خراش أيضا فِي المراثي أشعار حسان، فمن شعر لَهُ:
حمدت إلهي بعد عروة إِذْ نجا ... خراش وبعض الشر أهون من بعض
عَلَى أنها تدمي [٨] الكلوم، وإنما ... توكّل بالأدنى وإن جلّ ما يمضى [٩]
فو الله لا أنسى قتيلا رزئته ... بجانب قوسي [١٠] ما مشيت عَلَى الأرض
ولم أدر من ألقى عَلَيْهِ رداءه ... عَلَى أَنَّهُ قد سل من ماجد محض [١١]
قَالَ أبو عمر: لَمْ يبق عربي بعد حنين والطائف إلا أسلم، منهم من قدم، ومنهم من لَمْ يقدم، وقنع بما أتاه بِهِ وافد قومه من الدين عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.
---------------
[١] الدريسان: الثوبان الباليان. وعائل: فقير.
[٢] أي: يداه لا تحبسان شيئا من ماله، فهو يعطى إذا هاجت الشمال في الشتاء. وهذا كناية عن الجدب.
[٣] النواهل: المشتهيات للأكل، كما تشتهي الإبل الماء. والجزع: منعطف الوادي.
[٤] في المطبوعة والاستيعاب ٤/ ١٦٣٧: «جميلا» . والمثبت عن المصورة. ورواية الديوان.
لظل جميل أسوأ القوم تلة ولكن قرن الظهر للمرء قاتل يريد بقرن الظهر: القرن الّذي جاءه من وراء ظهره.
[٥] ديوان الهذليين: ٢/ ١١٦.
[٦] هما نديما جذيمة الأبرش، وإليهما يشير متمم بن نويرة:
وكنا كندماني جذيمة حقبة من الدهر حتَّى قيل: لن يتصدعا انظر قصة ندمانى جذيمة في عيون الأخبار: ١/ ٢٧٤.
[٧] الاستيعاب: ٤/ ١٦٣٨، وانظر ديوان الهذليين: ٢/ ١٥٧- ١٥٨.
[٨] في ديوان الهذليين: «بلى، إنها تعفو الكلوم» .
[٩] يقول: إنما نحن نحزن على الأقرب فالأقرب، ومن مضى ننساه وإن عظم.
[١٠] قوسى: موضع ببلاد السراة من الحجاز.
[١١] يقول: لما صرع ألقى رجل ثيابه على خراش فواراه، وشغلوا بقتل عروة، فنجا خراش.

الصفحة 87