كتاب عقلاء المجانين للضراب
19- نا عبد العزيز بن علي المكتب، نا الحسن بن القاسم الدمشقي، نا أحمد بن عبيد بن معاوية، حدثت عن علي بن يوسف، قال:
لما قدم أبو دلف بغداد، أتيناه للسلام عليه، فبينا أنا عنده إذ أتاه الحاجب، فقال: جعيفران الموسوس بالباب، فقال أبو دلف: ما لنا وللمجانين؟ فقلت له: أصلحك الله، إنه شاعرٌ ظريفٌ، فأْذن له، فأذن له، فوقف بين يدي أبي دلفٍ، فقال:
يا أكرم الأمة موجوداً ... ويا أعز الخلق مفقوداً
لما سألت الناس عن سيدٍ ... يصبح في الأمة محموداً
قالوا جميعاً: إنه قاسمٌ ... أشبه آباءً له صيدا
لو عبدوا شيئاً سوى ربهم ... أصبحت في الأمة معبودا
فقال أبو دلف: يا غلام، أدفع إليه عشرة آلاف درهمٍ، فقال جعيفران: وما أصنع بعشرة آلاف درهمٍ؟ مر الغلام يقبضها إليه، ومره يدفع إلي كلما جئته عشرة دراهم حتى تفنى، فقال أبو دلف: يا غلام، ادفع إليه العشرة آلاف درهمٍ، وكلما جاء ادفع إليه عشرة دراهم، حتى يفرق الموت بيني وبينه.
فأكب جعيفران إلى الأرض، ثم رفع رأسه فقال:
يموت هذا الذي أراه ... وكل شيء له نفاد
-[33]-
لو أن خلقاً له خلودٌ ... عمر ذا الفاضل الجواد
الصفحة 32
55