كتاب علوم البلاغة «البديع والبيان والمعاني»

مثال آخر من قول المتنبي (¬1) أيضا (الوافر):
وألقى الشّرق منها في ثيابي … دنانيرا تفرّ من البنان
شّبه دوائر الضوء المتسلّلة إليه عبر أوراق الشجّر بدنانير زئبقية تستعصي على الإمساك بها، فالمستعار منه الدنانير مذكور مصرّح بذكره، والمستعار له: الدوائر الضوئية محذوفة. والقرينة: ألقى الشرق والجامع بينهما: الاستدارة والبياض والصّفرة.
ومثالها من القرآن الكريم قوله تعالى كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ابراهيم: 1.
شبّهت الآية الضلال بالظلمات، والهدى بالنور. والمستعار منه (الظلمات) مذكور مصرّح به. المستعار له: الضلال
محذوف.
الجامع بينهما: عدم الاهتداء. القرينة: الحالية.
في الصورة الثانية: المستعار منه: النور وقد صرّح به المستعار له: الهدى محذوف. الجامع بينهما: الاهتداء. والقرينة حالية.

3. صور مشتركة بين المكنّية والتصريحية.
قال ابن المعتزّ:
جمع الحقّ لنا في إمام … قتل البخل وأحيا السّماحا
شّبه الشاعر البخل والسّماح بانسان يقتل ويحيي. فالمستعار له:
البخل والسّماح مذكوران. والمستعار منه: الإنسان محذوف وقد كني
¬__________
(¬1). شرح ديوان المتنبي، العكبري، 4/ 253.

الصفحة 200