كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وحدُّ الكثير: هو القلّتان في جميع النجاسات على إحدى الروايتين، كما ذكره الشيخ، واختاره أبو الخطاب وابن عقيل وأكثر متأخري أصحابنا (¬١)، على ظاهر حديث ابن عمر.
والرواية الأخرى: أنّ البول من الآدمي والعَذِرة الرطبة خاصة ينجِّسان الماء، إلا أن يكون مما لا يمكن نزحُه كالمصانع (¬٢) التي بطريق مكة. وأكثر نصوص أحمد على هذا (¬٣)، وهو قول أكثر المتقدمين من أصحابنا (¬٤)، لما روى أبو هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يبولنَّ أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه" [٤/ب] رواه الجماعة (¬٥). وقال الخلال: وحُدِّثنا (¬٦) بإسناد صحيح عن علي أنه سئل عن صبي بال في بئر، فأمرهم أن ينزحوها (¬٧) (¬٨).
---------------
(¬١) انظر: "الانتصار" (١/ ٥٢٣) و"المغني" (١/ ٥٦).
(¬٢) جمع مصنعة، وهي كالحوض كانوا يحتفرونها ليجتمع فيها ماء المطر، ويشربونه.
(¬٣) انظر مسائل ابنيه عبد الله (ص ٤، ٥) وصالح (١/ ٣٠١) وأبي داود (ص ٥ - ٦) وابن هانئ (١/ ١) والكوسج (٢/ ٣٠٣).
(¬٤) عقَّب الزركشي (١/ ١٣٣) على قول المصنف بقوله: "قلت: وأكثر المتوسطين كالقاضي والشريف وابن البنا وابن عبدوس وغيرهم".
(¬٥) أحمد (٨١٨٦) والبخاري (٢٣٩) ومسلم (٢٨٢) وأبو داود (٦٩) والترمذي (٦٨) والنسائي (٥٨) وابن ماجه (٣٤٤).
(¬٦) في الأصل والمطبوع: "وجدنا"، وهو تحريف ما أثبتنا من "المغني" (١/ ٥٦).
(¬٧) أشار في حاشية الأصل إلى أن في نسخة: "أن ينزفوها".
(¬٨) أخرجه ابن أبي شيبة (١٧٣٢) من طريق أبي خالد الأحمر، عن خالد بن سلمة: أن عليًّا سئل ... ، وظاهره الإرسال إن كان ابن سلمة هو المخزومي، ولم أقف على إسناد الخلال، والله أعلم.

الصفحة 12