كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

وقياسًا للجاري على الدائم.
[٥/أ] والرواية الأخرى: أنَّ الجاري لا ينجس إلا بالتغير (¬١) قليلًا كان أو كثيرًا، اختاره الشيخ وغيره. وهي (¬٢) أظهر (¬٣)، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يبولنَّ أحدُكم في الماء الدائم، ثم يغتسل منه". وفي لفظ: "يتوضأ منه" (¬٤). ومفهومه جواز ذلك في الجاري مطلقًا.
وكذلك قوله: "لا يغتسلْ أحدكم في الماء الدائم وهو جنب" (¬٥)، ومفهومه جواز الاغتسال في الجاري وإن استدبر الجرية.
وكذلك نهيه - صلى الله عليه وسلم - أن يبال في الراكد، ومفهومه الإذن في البول في الماء الجاري، ولو نجَّسَه (¬٦) لم يأذن فيه. وكذلك حديث بئر بضاعة عامّ.
ومفهوم حديث القلّتين لا يعارض هذا، لأنّ قوله: "إذا بلغ الماء قلّتين لم يحمل الخبَث" دليل على أنّ ما دون القلتين بخلاف ذلك، وإذا فرَّقنا بين جاريه وواقفه حصلت المخالفة، لا سيّما وسبب الحديث هو السؤال عن
---------------
(¬١) في الأصل: "التغيير"، والظاهر أنه تصحيف.
(¬٢) أثبت في المطبوع: "وهو" ليوافق قوله: "اختاره".
(¬٣) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢١/ ٧٣، ٣٢٦) و"اختيارات" ابن اللحام (ص ٤). وفي الموضع الأول: "وهو أنصُّ الروايتين عن أحمد واختيار محققي أصحابه".
(¬٤) الحديث رواه الجماعة كما سبق، وهذا اللفظ عند أحمد (٧٥٢٥) والترمذي (٦٨) والنسائي (٥٧).
(¬٥) أخرجه مسلم (٢٨٣) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(¬٦) أثبت في المطبوع: "ينجِّسه" مع التنبيه على ما في الأصل. والذي فيه صواب محض.

الصفحة 14